رأيت فى شرم!
رأيت فى شرم!رأيت فى شرم!

رأيت فى شرم!

سليمان جودة

قبل رأس السنة بأيام، سألت رجل السياحة ناصر عبداللطيف عن الحال فى فنادق شرم الشيخ، فقال في حزن إن نسبة الإشغال فيها لا تكاد تتجاوز ٨٪، أي أن ثماني غرف هي فقط المشغولة، من بين كل مائة غرفة!

وقد تصورت أنه يبالغ في تصوير الحال الصعب هناك، وحين أحس هو بأني لا أكاد أصدق، طلب صديقاً من أصحاب الفنادق في المدينة على التليفون، وسمعت منه مباشرة ما أحزنني أنا الآخر على حالها، الذي كان منتعشاً إلى يوم سقوط الطائرة الروسية فوق سيناء!

وفي يوم رأس السنة، كنت هناك، ورأيت بنفسي ما سمعت به قبلها بأيام، وكان مما يلفت الانتباه، عند خروجك من مطار المدينة، أن اللافتات كلها ترحب بالقادمين إليها، على أنهم قادمون إلى «مدينة السلام»، لا إلى «شرم الشيخ»، ومع ذلك، فإن المدينة التي كانت بهذه الصفة وحدها تدعو كل محبيها إلى زيارتها، لم تستطع أن تأمن من تربُّص أهل الشر حولنا في المنطقة، وفى العالم، الذين أزعجهم، فيما يبدو، أن يروا مدينة آمنة، تنشر السلام والمحبة بين كل روادها!

ولابد أن يكون كل مصري على يقين من أن ما أصاب شرم، بعد حادث الطائرة، يمثل فى حقيقته جزءاً من الثمن الأعم الذي يدفعه شعب مصر كله، لأنه وقف في ٣٠ يونيو ٢٠١٣، وقال «لا» للإخوان وحلفائهم بأعلى صوت.. إنه جزء من ثمن يدفعه هذا الشعب، وقد دفعه من قبل، ولايزال يدفعه، ولكن ذلك لا ينفى أن شرم سوف تتجاوز أزمتها، وسوف تعود إلى ما كانت عليه، وأفضل، إذا ما تمسكنا إزاءها وإزاء غيرها من أمورنا كلها، بالإرادة التي أزاحت الإخوان قبل عامين ونصف العام، فمثل هذه الإرادة لا يهزمها شيء!

صحيح أن ناصر عبداللطيف استطاع، بجهد خاص منه، أن يملأ فنادقه تقريباً، فى احتفالات رأس السنة، وصحيح أنه أبى أن تنطفئ أنوار المدينة، وهى تستقبل عاماً جديداً، وصحيح أنه أعد لذلك برنامجاً مسبقاً، وحافلاً بنجوم الفن، إلا أن ذلك كله يظل يشير إلى أن شرم فى أشد الحاجة لدعم كل سائح عربي، يريد بصدق أن يقف معها، ومع بلدنا، في مثل هذه الظروف.

ثم إنها في حاجة إلى دعمنا نحن لأنفسنا، على مستويين، أولهما أن يبادر الوزير هشام زعزوع بجولة عربية تدفع بالسياح العرب إليها، وتغريهم بها.

وأما الثاني فهو أن نتعامل مع حادث الطائرة باعتبار أن له بعدين اثنين: واحد سياسي يتجسد فيما أشرت إليه، حول الثمن الذي ندفعه، ثم إن هناك بعداً آخر أمنياً، لابد أن نتعامل مع أخطائنا فيه، بشجاعة، وأن نعالجها بأمانة، لا لشيء إلا لأن الجانب السياسي في الموضوع كله قد قام في الأساس على توظيف بل واستغلال، ما قد يمثل ثغرة أمنية هنا، أو هناك.

ليس هذا بالطبع طعناً في جهود الأمن، الذي ينهض بمهمته فى ظروف نحن جميعاً أعلم الناس بها، ونحن أول المدعوين إلى مساندته ودعمه فيها، غير أن أولى خطوات شفاء المريض، أي مريض، إنما هي تشخيص مرضه بشكل صحيح، ثم وضع الروشته بشكل أصح، وإذا كانت شرم مريضة فإنها لن تموت، وسوف تتعافى في أمد زمني أراه بعيني!

هذا المقال يعبر عن رأي الكاتب ولا يعكس بالضرورة وجهة نظر شبكة إرم نيوز

الأكثر قراءة

No stories found.


logo
إرم نيوز
www.eremnews.com