ثقافة المعارضة وتقاليدها !!
ثقافة المعارضة وتقاليدها !!ثقافة المعارضة وتقاليدها !!

ثقافة المعارضة وتقاليدها !!

خيري منصور

المعارضة ليست فقط افرازا ديموقراطيا بل هي الابنة البكر للديموقراطية، ومن خلالها بل بفضلها تكتمل التجربة ويصبح التداول السلمي للسلطة مُمكنا . والمجتمعات التي لم تمرّ بالمرحلة الديموقراطية يصعب عليها تحديد مفهوم المعارضة وبالتالي استيعاب هذا المفهوم، بعكس المجتمعات المعافاة والتي تعيش حياة سياسية صحيّة، فالمعارضة في هذا الحال ضرورة ورقابة وتنافس من أجل الوطن وليس عليه لاقتسامه ! وشأن كل الظواهر في التاريخ، هناك معارضات وليست معارضة واحدة ذات وصفة مُعَوْلَمة،  تماما كما ان هناك واقعيات وبنيويات ايضا، منها ما هو شكلي وزائف ومنها ما هو عضوي وذو مضمون تاريخي وثقافي . والمعارضة كما عرفها العرب المعاصرون اشكالية يصعب اختزالها، لأنها تعددت في اشكالها، ومنها ما يولد في المنفى وما يرتهن لارادات دولية كما ان منها ما هو اصيل ولا يخرج عن الثابت القومي، لكن ما شهده العالم العربي في خريفه السياسي الذي ارتدى قناعا اخضر من معارضات كان وما يزال يراوح بين ما هو راديكالي ويطرح شعارات تعجيزية وما هو واقعي وقابل لأن يترجم ميدانيا، والفيصل في الحالتين هو الدور الخارجي في تغذية وتسليح المعارضة الحالمة بالسلطة حتى لو كان ذلك على خازوق او على دبابة عدو . ولا يمكن لثقافة المعارضة ان تترسخ ويصبح لها تقاليد في مناخات غير ديموقراطية، تحكمها ثنائية الاقصاء المتبادل، وفلسفة الاحتكار والاحتقار، احتكار الحكم واحتقار من هم خارج مداره ! واللافت للانتباه في بعض المعارضات حسب النموذج العربي انها اصيبت بعدوى النظم التي تعارضها ومنها ما اصبح وراثيا او مستخدما لصناديق الاقتراع لرحلة واحدة بلا عودة . وهناك من كان وصولهم الى سدة الحكم بمثابة اختبار لصدقية الاطروحات والشعارات التي بشّروا بها وهم في المعارضة، لأن التنكر لهذه الاطروحات والوعود لم يعد مفاجئا في عالم ذرائعي، تجاوز وصايا ميكافيلي ما دامت الغاية لا تبرر الوسيلة فقط  بل تقدّسها ! ولن تترسخ ثقافة المعارضة وتقاليدها ما لم تترسخ الديموقراطية التي تنجبها  !

هذا المقال يعبر عن رأي الكاتب ولا يعكس بالضرورة وجهة نظر شبكة إرم نيوز

الأكثر قراءة

No stories found.


logo
إرم نيوز
www.eremnews.com