وقائع موت معلن في باريس
وقائع موت معلن في باريسوقائع موت معلن في باريس

وقائع موت معلن في باريس

مشاري الذايدي

في رواية «وقائع موت معلن» للكولومبي الشهير غابريال ماركيز، تعلم القرية كلها أن الشاب الثري سانتياغو نصار سيقتل على يد الأخوين التوأم من آل فيكاريو، في اليوم التالي لعرس أختهما أنجيلا على باياردو سان رومان.
القرية كلها كانت تعلم، وتشاهد، وتعرف أن مصير سانتياغو هو القتل لا محالة، وفي الشارع، وسدت أمامه كل منافذ الهرب، حتى لقي حتفه، بتصميم ومتابعة وعلنية.
باريس في مساء الثالث عشر من نوفمبر (تشرين الثاني) الحالي، شهدت وقائع موت معلن رهيب، في مسرح باتكلان، وأثناء عرض مسرحي موسيقي مصور، وفي عدة مواقع من باريس، وفي بوابات استاد دو فرانس الشهير وأثناء مباراة «ساطعة» المتابعة، بين منتخبين سبق لهما الفوز بكأس العالم، وهما المانشفت الألماني، وديوك فرنسا.
أي علنية أكثر من هذا!؟
المخابرات الفرنسية كان لديها إنذارات مسبقة بقرب الهجوم، وقال الرئيس الفرنسي هولاند أثناء اندلاع الهجمات الإرهابية، قبل نهايتها: «نعلم من فعل هذا ونعلم من أين أتوا».
أحد القتلة الإرهابيين، تبين أنه داعشي فرنسي من أصول جزائرية، اسمه عمر مصطفاوي، تم التعرف عليه من خلال أصبعه المقطوع، كشفت صحيفة «سنتر» الفرنسية أنه كان معروفًا من قبل الأجهزة الأمنية، كما أن اسمه كان متداولاً لدى أجهزة الاستخبارات الفرنسية منذ عام 2010، منذ ظهور علامات التطرف الديني عليه. سافر بضعة أشهر لسوريا بين عامي 2013 و2014.
أعلنت وزارة الداخلية الصربية أن حامل جواز السفر السوري الذي عثر عليه قرب جثة أحد إرهابيي باريس، دخل صربيا الشهر الماضي. وقالت الوزارة: «أحد الإرهابيين المشتبه بهم هو شخص مطلوب لدى وكالات الأمن الفرنسية».
مصدر سعودي كشف لـ«سي إن إن» الأميركية أن السعودية حذرت عدة مرات، آخرها قبل 10 أيام دولا أوروبية من هجمات داعشية، موضحا أن درجة الخطورة ارتفعت منذ يوليو (تموز) الماضي.
وقال: «كل المعلومات تمت مشاركتها بشكل متكرر مع الأطراف المعنية، لكن قوة التهديدات أكبر من إمكانية السيطرة عليها في الوقت الحالي».
عطفا على هذه «الوقائع» وبعيدا عن من هو المستفيد والمتضرر من ليلة باريس المرعبة، يتضح صعوبة منع الإرهاب من الحصول، رغم كل الإنذارات والمعلومات.
ذلك أنك تواجه أعمق ما في البشر وهو وجدانهم الجارف بأنهم يمثلون الحق المطلق على الأرض، ولديهم الاستعداد للموت من أجل ذلك.
هذا لا يعني أن هناك من «يحلب» نتاج هؤلاء القتلة في محلب السياسة، غير أن ليلة باريس الدامية كانت حقا «وقائع موت معلن».

هذا المقال يعبر عن رأي الكاتب ولا يعكس بالضرورة وجهة نظر شبكة إرم نيوز

الأكثر قراءة

No stories found.


logo
إرم نيوز
www.eremnews.com