الملك والإعلام
الملك والإعلامالملك والإعلام

الملك والإعلام

السعودية ليست بجديدة على الاستهداف الصحافي عربياً ودولياً٬ بعضه عن حق٬ وبعضه استهداف لأغراض في نفس يعقوب.

والعاهل السعودي الملك سلمان بن عبد العزيز٬ تاريخياً٬ هو أكثر رجالات الدولة خبرة وتعاطياً سياسياً مع الشأن الإعلامي٬ لعقود.

وقد تعامل مع أول حملة إعلامية تعرضت لها السعودية إبان الخلاف السعودي ­ الناصري في الستينات٬ وكان له دور في التواصل مع مسؤولي الإعلام المصريين آنذاك٬ بمن فيهم محمد حسنين هيكل رئيس تحرير «الأهرام».

ولاحقاً٬ تولى سياسياً مهام التعاطي مع ملفات الإعلام العربي في الخارج٬ في حقبة السبعينات والثمانينات٬ وساند فكرة بناء مؤسسات إعلامية سعودية خارجية٬ لتلعب ضمن التنافس السياسي الإقليمي المستمر.

ولا تزال السعودية من أكبر الدول العربية إعلامياً في الخارج، فالنشاط الإعلامي من موجبات الصراع وضروراته٬ وسياسة التأثير السعودية قامت على ثلاث: الدبلوماسية٬ والدعم الاقتصادي٬ والدعاية الإعلامية، في حين أن دولاً منافسة٬ مثل إيران وسوريا وعراق صدام٬ من أجل مّد نفوذها٬ استخدمت بشكل رئيسي أدوات أمنية وعسكرية.

مثلاً٬ نظام سوريا دأب على تخويف الإعلاميين وملاحقتهم٬ ولم يكن يتورع عن قتلهم٬ وله سجل حافل٬ منذ قتله سليم اللوزي مالك مؤسسة «الحوادث» الإعلامية اللبنانية في الثمانينات٬ وبشكل بشع٬ إلى اغتياله جبران تويني رئيس تحرير صحيفة «النهار» اللبنانية٬ لأنه تجرأ وطالب بإنهاء الوجود العسكري السوري في لبنان.

السعودية اعتادت أن تكون في مواجهة العواصف الإعلامية٬ وذلك بسبب طبيعة نظامها ومجتمعها المحافظين المنغلقين، وهناك الكثير٬ مما يقال ويكتب٬ هو بالفعل

مفتعل أو مبالغ فيه٬ كالحديث عن أن السعودية على وشك الإفلاس بسبب هبوط أسعار النفط.

وفي لقائه بكبار الإعلاميين السعوديين٬ أول من أمس٬ تحدث الملك عن هذا الجانب٬ مبينا أنه مع سياسة: «دعنا نفعل ودعهم يقولوا»٬ واستشهد بالمثل الذي يقول: «رحم الله من أهداني عيوبي».

وكل الحكومات في العالم لا تحب أنُ تنتقد٬ لكن العمل الحكومي والصحافة الناقدة توأمان لا يمكن فصلهما، وكما لمح الملك؛ بالفعل على الحكومة ألا تشعر بالاحتقان

لأن صحيفة في لندن أو سيدني قالت إنها ستفلس٬ أو لأنها عبرت عن فئة غاضبة، على العكس من ذلك٬ فالهجوم عليها والتشكيك في قدرتها على إدارة أزماتها

يفترض أنه يلعب دور المحفز٬ حتى تثبت للجميع خطأ اتهامات الإعلام٬ أو تقوم بتصويب أعمالها٬ بما في ذلك الانتقادات الحقوقية أو السياسية.

هل تواجه المملكة أزمة مالية حقيقية؟ بالتأكيد٬ ويشعر بها المهتمون بالسوق٬ نشأت من الهبوط الحاد في مداخيل الدولة من وراء انخفاض أسعار النفط، وهذا ليس تحدياً هيناً٬ بل سيتطلب من الحكومة أن تتجرأ وتتجرع علاجاً مراً.

ليس عليها إصلاح مشكلة الليلة٬ بل إصلاح كل الأداء الحكومي الموجود منذ أنُ بنيت الدولة إدارياً في أواخر الخمسينات، فإذا نجحت الحكومة في مهمتها٬ فحينها ستستحق الشكر٬ وإن عجزت٬ جاز للجميع لومها.

الملك في اللقاء انتقى عباراته بعناية دون أن يخوض في جدل مع أي طرف٬ وفق الأصول الملكية٬ لأن على الحكومة أن ترد عملًيا وليس كلاًما فقط.

وكثيرون اليوم يراهنون على أن الحكومة التي شكلها٬ ومعظمها من الشباب وأهل الاختصاص٬ قادرة على تحقيق انتقال تاريخي ينقل وينقذ المملكة من سياسة الاعتماد على النفط الخطرة جداً.

أما الإعلام٬ الذي يكشر عن أنيابه هذه الأيام ضد السعودية٬ فإنه عادة لا يحمل موقفاً دائماً٬ وسرعان ما سنراه يبدل الآراء والمواقف حالما تتبدل الظروف والنتائج.

الأكثر قراءة

No stories found.


logo
إرم نيوز
www.eremnews.com