وشهد (شهيد) من أهلها
وشهد (شهيد) من أهلهاوشهد (شهيد) من أهلها

وشهد (شهيد) من أهلها

زياد الدريس

ظلت الحكومة الإيرانية منذ نهاية موسم الحج المنصرم، وهي تبيع وتشتري في حادثة التدافع المؤلمة بمشعر منى. وذروة ذلك كانت في الهجوم الذي شنه الرئيس الإيراني روحاني، من على منصة الأمم المتحدة، مشككاً في قدرة السعودية على تسيير أعمال الحج، ثم متناولاً من خلال إعلامه الرسمي بصورة سلبية ملف حقوق الإنسان في السعودية، متناسياً المسؤولية الأخلاقية التي كان يجب أن يفطن إليها المسؤولون الإيرانيون في دواخلهم قبل أن يتحدثوا عن الآخرين. وهو ما عبّر عنه بإيجاز وزير خارجية الإمارات في خطابه من على المنصة ذاتها، مشيراً إلى أن: «سجل إيران الإنساني لا يؤهلها للحديث عن سلامة الحجاج وحقوقهم».

تظن جمهورية إيران الإسلامية أن اتفاقها النووي مع صديقها (الشيطان الأكبر سابقاً) سيغفر لها ما تقدم من ذنبها وما تأخر، وسيمحو عنها كل غضب أو ترصّد.. لما تفعله داخلياً من انتهاكات لحقوق الإنسان، ولما تفعله خارجياً من انتهاكات لحقوق الدول. وانطلاقاً من هذا الشعور الوهمي بدأت تُقدّم نفسها في خطاباتها بوصفها دولة ديموقراطية/ مدنية/ حقوقية تنفي عنها تهمة الشمولية/ الثيوقراطية.

لكن هذا التجمّل، الذي كاد ينطلي على البعض، لم يدم طويلاً، إذ سرعان ما نُقض بالتصريح الذي أطلقه مقرر الأمم المتحدة الخاص بحقوق الإنسان في إيران. إذ أعلن المحقق الأممي أحمد شهيد أن إيران ستعدم ألف شخص خلال هذا العام. وفصّل شهيد إعلانه الحقوقي بالقول إنه «تم تنفيذ حكم الإعدام بالفعل في نحو 700 شخص خلال العام الحالي، ومن المحتمل أن تكون الجمهورية الإسلامية في طريقها لتجاوز الألف بحلول نهاية العام».

الأرقام كانت صادمة للمحللين والمراقبين، ليس لأن إيران هي أرض العدالة والمساواة، ولكن لأنهم ظنوا أن الاتفاق النووي بين إيران والغرب سيهيئ لوجود أدبيات حقوقية تلتزمها الحكومة الإيرانية أمام مواطنيها أولاً ثم أمام الشعوب الأخرى التي لا تفهم، أو لا تتفهم الدوافع وراء تدخلات إيران في أوطانها.

وفقاً لتقارير «هيومان رايتس» فقد شهد سجل حقوق الإنسان في إيران تدهوراً ملموساً في عهد الرئيس السابق المحافظ أحمدي نجاد، خصوصاً إبان الانتخابات التي جرت في العام ٢٠٠٩، وقد كان الظن بأن عهد الرئيس (الإصلاحي) روحاني سيكون نظيفاً ناصعاً، انطلاقاً من رؤيته الإصلاحية أولاً ثم من الإرهاصات (الحضارية) للاتفاق النووي. لكن الأرقام التي أعلنها أحمد شهيد لا تنسجم مع التطلعات بشأن إيران جديدة. وهي لا تستطيع دحض شهادة شهيد بوصفها اتهامات غربية مغرضة أو ذات معايير مزدوجة أو مدفوعة برؤية أيديولوجية مغايرة، فالمقرر الدولي أحمد شهيد هو رجل مسلم لا ينطلق من خلفيات صليبية، وهو وزير خارجية سابق (للمالديف) فهو سياسي يجيد وزن كلماته وإعلاناته، وهو من دولة إسلامية محايدة وغير منغمسة في صراعات المنطقة، فلا مبرر للتشكيك في نزاهته.

بهذه الوضعية الحقوقية، ينبغي لإيران بالفعل أن تنشغل بتسوية أوضاعها الداخلية قبل أن تمارس الأستاذية في خطاباتها عن الآخرين.

الأكثر قراءة

No stories found.


logo
إرم نيوز
www.eremnews.com