رحّالة الصيف: أمير مصري في بلاد الهند
رحّالة الصيف: أمير مصري في بلاد الهندرحّالة الصيف: أمير مصري في بلاد الهند

رحّالة الصيف: أمير مصري في بلاد الهند

سمير عطا الله

قلّّد كثيرون من نبلاء مصر في القرن التاسع عشر، حياة الأسر المالكة في أوروبا. ومن أبرز مظاهر تلك الحقبة، كان السفر والترحّل والمغامرة. فهذه لم تكن تعطي فقط انطباع الاطلاع والمعرفة ودرس العادات والطبائع، وإنما أيضًا الشجاعة والفروسيّة. ولذا، كان الصيد في الأدغال والأهوال جزءًا من صورة الفارس النبيل.
أحد هؤلاء كان «الأمير يوسف كمال باشا، ابن أحمد كمال بن أحمد رفعت بن إبراهيم باشا، أمير، رحّالة، جغرافي مصري من أسرة محمد علي».
أصدرت «دار السويدي» في أبوظبي سلسلة فائقة الأهمية للرحلات التي قام بها العرب في بلدان الآخرين. ولذلك، سدَّت فراغًا قديمًا في المكتبة العربية، وربما في المكتبة العالمية. ويُسجل للشاعر نوري الجراح إنجاز عمل شاق في تحرير هذه السلسلة واختيارها. وقد أوكلت مهمّة التدقيق في هذه الأعمال إلى اختصاصيين أكفّاء، فصدرت جميعها متأنية وبلا أي أثر لمظاهر الخفّة المعروفة في النشر العربي التجاري.
«رحلة في بلاد الهند الإنجليزية وكشمير» (1913 – 1914) تصف صاحبها الأمير يوسف كمال بأنه كان شديد الولع باصطياد الوحوش المفترسة، وقد غامر في سبيل ذلك إلى جنوب أفريقيا والهند وسواهما. وعلق على جدرانه رؤوس الفرائس التي عاد بها وجلودها وأنيابها. وفي هذا المجال أنفق على ترجمة وطبع كتب كثيرة عن الفرنسية، كما يذكر المحقق جمال ملحم. وخلال رحلته إلى الهند كان يأتي إلى زيارته المسلمون وعلماؤهم. وأظهر إلى جانب ولعه بالطبيعة، حسًا تجاريًا، فكان يشتري الأثريات كما اشترى بعض أنواع النخيل من مدينة كولومبو، عاصمة سري لانكا (سيلان آنذاك وسرنديب زمن الفتح الإسلامي). ويشير إلى اهتماماته بالقول «فذهب الطبيب وحسين أفندي يبحثان عن الدب في الغابات، أما أنا فسرت وحدي أدرس أنواع أشجار الصنوبر في هذه البقعة. وقد وجدت منها ثلاثة أنواع». لم يدوِّن يوسف كمال أخبار الصيد وحدها، بل سجل انطباعاته عن الطباع والوجوه والعادات. وروى أن بعض حكام الولايات يخالفون الشرع بالزواج من 50 أو 100 امرأة يعشن في قصر واحد. وقال إن في مدينة بنارس يتساوى عدد المعابد مع عدد المنازل. ولاحظ أن البريطانيين منعوا عادة شائعة عند الهندوس، وهي إحراق المرأة التي يتوفى زوجها. بدأ رحلته من بومباي التي وصلها في بحر هائج بعد تسعة أيام مرورًا بعدن: «وترى العربات ذات العجلتين يجرها اثنان من البقر وتزدحم بها الطرق، أما القاذورات ووساخة أهل البلاد فلا داعي لوصفها (...) ومما يستحق الذكر عربات أغنياء المدينة، من حيث إنها تشبه العربات الإفرنجية ولها شبابيك من الأمام والخلف مفتوحة الجانبين، وتجد عليها ثلاثة خدم خلاف السائق، منهم اثنان واقفان على قدميهما على الجزء الخلفي من العربة وآخر جالس بجانب السائق».
واستضاف المهراجات الهنود الأمير يوسف. ووضع وصفًا دقيقًا لقصورهم وخدمهم. وروى أن تقاليد ترافانكور أن يرث الحاكم ابن شقيقته - لا ابنه، وإذا لم يكن للأخت ابن، يرثه، تبنَّت واحدًا. وخلال جولته وقع الأمير على مدرسة للبنات فوجئ بأن فيها بنات من نصارى سوريا، وهن بنات تجار جاءوا من سوريا منذ فترة طويلة.
وفي كولومبو، «مدينة جميلة بها شوارع عظيمة» شاهد «الكثير من المسلمين، بعضهم يعتمر الطربوش والبعض الآخر يضع الطاقية».
غدًا رحلته إلى الصيد.
إلى اللقاء..

الأكثر قراءة

No stories found.


logo
إرم نيوز
www.eremnews.com