ديمقراطية منحرفة
هدد الاتحاد الأوروبي إسبانيا بمعاقبتها إذا استمرت في رفضها دعم الشواذ المنحرفين، وإسبانيا دولة أوروبية عضو في الاتحاد، ورغم الغرابة في التهديد والتحذير أعتقد أن الاتحاد الأوروبي يملك حق محاسبة أعضائه حسب دستوره، وبناءً على تدرج سلطاته، مع علمي أن الدول الأعضاء لا تفقد سيادتها واستقلالها، ولكن الغرب هكذا، منذ قديم الأزل، إذا اقتنع بأمر ما عمل على فرضه بالقوة على الآخرين.
تلك هي الديمقراطية، تلك الفكرة التي كانت جميلة عندما نادى بها الفلاسفة والمفكرون، منذ عهد أفلاطون والدولة البيزنطية، حتى مروا على الرومان ووصلوا إلى الحملات الصليبية والاستعمار المحمي بالقوة الغاشمة، إلى أن أصبحوا يسترزقون من خيرات غيرهم بمساندة تاريخ أسود قام على العنصرية والنظرة الدونية للآخرين وما زال.
إسبانيا متمسكة بقيمها، وهذا شيء غير مستحب لدى الغرب الأوروبي والأمريكي، وعليها أن تخضع وتقبل بفئة مخالفة لقيم المجتمع، وتمنحها حرية إشاعة ما يخالف معتقداتها الدينية، وتجبر مواطنيها على التعامل مع من يرون سوء أعمالهم ودناءة تصرفاتهم، ولو كان الاتحاد الأوروبي مؤمناً بالديمقراطية التي يتغنى بها لتعامل مع إسبانيا بأسلوب آخر، وطلب استفتاء الشعب الإسباني على قضية دعم وعدم دعم الشواذ!
هكذا تعلمنا منهم، هم قالوا لنا ذلك، في القضايا المفصلية للدول يتم اللجوء للاستفتاء، وقد حدث وطبقت الديمقراطية عندما انقسم الشعب البريطاني على عضويته للاتحاد الأوروبي نفسه، وعندما صوتت الأغلبية بخروج بريطانيا من الاتحاد لم يستطع أحد أن يحول دون ذلك، ولكنها الديمقراطية العوجاء ذات الوجوه المتعددة، الخادعة والمخادعة، تطبق متى أرادوا، وتنسى متى شاؤوا، تبيح حراماً وتحرّم حلالاً، تدوس حقوق فئات تئن منذ عشرات ومئات السنين، وتمنح حقاً لفئة تجرم في حق مجتمعاتها!
مثل هذا المنطق إذا ساد قد يوصل كل الفئات المنحرفة والخارجة على القانون إلى المرحلة التي أوصلوا إليها الفئة الشاذة، لأنهم يستندون إلى ديمقراطية منحرفة!
البيان
