دول «التعاون» الخليجي والمشهد الدولي
دول «التعاون» الخليجي والمشهد الدوليدول «التعاون» الخليجي والمشهد الدولي

دول «التعاون» الخليجي والمشهد الدولي

محمد خلفان الصوافي

دول مجلس التعاون الخليجي، اليوم هي أنشط الدول في إقليم الشرق الأوسط وشمال أفريقيا وأكثرها تفاعلاً إيجاباً مع القضايا والأزمات التي تمر بالمنطقة. بل إن المجتمع الدولي كثيراً ما يستعين ويعتمد على هذه الدول الخليجية في المساعدة على إيجاد حلول ومخارج لبعض القضايا المعقدة وتحريكها دبلوماسياً فأغلب مساعي الوساطة والتهدئة إما تبدأ من هنا أو تمر من خلالها. كل هذا نتيجة لحالة الثقة التي تتمتع بها هذه الدول وعلى رأسها دولة الإمارات فدورها أصبح محورياً في السياسة الدولية.

في التحليلات الإعلامية على خلفية قمة الحوار الإقليمي في مملكة البحرين (حوار المنامة)، الذي اختتمت أعماله هذا الأسبوع، والتي دار حول الدور القادم للولايات المتحدة في ملفات المنطقة، وموقف دول مجلس التعاون من الجولات التفاوضية الغربية مع إيران، فقد أكدت الآراء المطروحة على الحضور الدبلوماسي للدول الخليجية الذي لا يمكن إنكاره في تقرير مصير أي تفاهمات يمكن أن تحصل في المنطقة لأنها جزء من هذا الإقليم وأي تفاهمات لا تأخذ بالرأي الخليجي ستكون سبباً في تكرار فشل الاتفاق النووي الذي عقد في 2015 بين إدارة أوباما وحكومة الرئيس الإيراني السابق حسن روحاني.

الأحداث التي مرت على المنطقة منذ 2011 حتى اليوم ومعها الأزمات العالمية التي بينت عجز بعض الدول الكبرى إقليمياً ودولياً عن معالجتها، نجدها قد أبرزت دور الدول الخليجية الصاعد وأن هذه الدول أصبح لها كلمة في العديد من القضايا بما فيها قضايا البيئة والأزمات البيولوجية ربما أحدث الأمثلة في هذا اختيار دولة الإمارات لتنظيم مؤتمر كوب 28 المناخي وكذلك تجاوز أزمة كورونا (كوفيد19) فهي من آيات أو دلالات مكانة هذه الدول بين القوى العالمية وتعد نموذجاً عملياً لحقيقة التفاعل والتجاذب مع المجتمعات الإنسانية.

التلازم الحاصل بين التحولات الاستراتيجية الحاصلة في المنطقة ونشاط دول التعاون الخليجي الدبلوماسي والذي يزداد مع مرور الوقت تناسقاً من منطلق أن المصلحة الخليجية واحدة، له صداه لدى دوائر صناعة القرار في العواصم العالمية وفي المنظمات الدولية وتثبت الحضور الخليجي في ملفات سياسية واقتصادية وغيرها من الملفات، بل إن ذلك الحضور الخليجي اللافت جعل من بعض الدول الغربية تعيش حالة من التيه السياسي في ملفات كانت تدعمها وفق القيم الغربية دون الأخذ في الاعتبار الخصوصية الخليجية أو العربية فيها مثل قضية الإسلام السياسي، اليوم هي تراجع سياساتها بما يتوافق والموقف الخليجي.

إن موقع القيادة الإقليمية ينمو ويتقدم في منطقة الخليج ويستعد للعب دور رئيس في قضايا المنطقة بالشراكة مع الدول الكبرى التي تبحث عن المصالح المشتركة، بعدما تخلصت الدول الخليجية من محاذير سياسية كانت تحول دون حركتها النشطة فبدأت كل الخطوط لديها مفتوحة على قوى العالم فلم يعد الحليف الدولي وحيداً ولم تعد هي (الدول الخليجية) الباحثة عن هذا الحليف بقدر ما صارت هي محل تنافس من الجميع دولياً وإقليمياً لتكون معها.

هذا كله ناتج من النموذج التنموي القائم على: التنويع الاقتصادي، والانفتاح السياسي على الجميع، حيث وفر لدول الخليج جاذبية وقوة دفع معتبرة في محيطها وجعل منها محل استقطاب الجميع. كما أن التناغم بين القيادة والشعب سد كل الفراغات التي اعتاد البعض في الإقليم ممن يتلاعبون بالمذهبية أو في العالم الذين يدعون الدفاع عن حقوق الإنسان فمكنت الحكومات الخليجية أن تتعامل مع الآخرين بالند وبهامش أكبر في الضغط عليهم فصار مثلما هناك اتفاق في ملفات معينة هناك أيضاً وجهة نظر خليجية ينبغي أخذها في الاعتبار.

المتأمل في المشهد الاستراتيجي في المنطقة يلاحظ أن هناك تغيرات تحدث وأن الدول الخليجية وبرغبة دولية لن تكون ضمن الجالسين في «مقاعد المنتظرين» لما سيحدث بل هم مشاركون إيجابيون في تقليل حدة الاحتقان بين المتنافسين والمتصارعين والمساهمة في إيجاد الحلول لقضايا وأزمات المنطقة، فهذا نهجها الأساسي.

البيان

الأكثر قراءة

No stories found.


logo
إرم نيوز
www.eremnews.com