هل سنطلب من الأعداء حمايتنا؟
هل سنطلب من الأعداء حمايتنا؟هل سنطلب من الأعداء حمايتنا؟

هل سنطلب من الأعداء حمايتنا؟

جلال عارف


كان الأمر سيكون مفاجأة لو حدث ووافقت واشنطن وحلفاؤها على ذلك، لأن كل ما يحدث على الساحتين العربية والإقليمية يقول غير ذلك، فما حدث في ليبيا منذ البداية كان مخططاً له لمحاصرة مصر وتهديد باقي الجيران، ومنع أن يتحول الربيع العربي إلى ربيع حقيقي، ومحاولة تحويله إلى رياح خماسين كالتي تعصف بالمنطقة الآن.

وإذا كانت 30 يونيو قد فاجأت واشنطن وأسقطت رهانها على الإخوان وملحقاتها من عصابات الخوارج، فإن الرد كان جاهزاً بإطلاق «داعش» ليمثل ثلث دولتين بحجم سوريا والعراق في أيام، وبالاستمرار في دعم «الإخوان» ومحاولة إعادتهم للساحة بأي طريقة، بمحاولة حصار كل القوى العربية المقاومة لهذا المخطط، بدءاً من مصر، إلى دول الخليج التي يهددها زحف «الخوارج» من العراق شمالاً، إلى الحوثيين جنوباً، ومن «الإخوان» إلى «داعش» أو «الحوثيين»، فإن المخطط واضح، محاصرة القوى العربية التي مازالت تتصدى وترفض الانصياع، وتحاول استعادة القوة المطلوبة لمواجهة التحديات ورفض التقسيم الجديد للمنطقة في غياب العرب وعلى حسابهم.

لم نتوقع تمرير القرار الدولي ونحن نواجه من رفضوا ـ من البداية ـ أن يحاربوا الإرهاب الذي أطلقوه علينا، ولم يوافقوا على ما قلناه من اللحظة الأولى من أن «مسرحية» إطلاق داعش خلال أيام ثم الزعم بأن طرده من «الموصل» فقط يحتاج لثلاث سنوات، واستبعدوا ليبيا واليمن وغيرهما من مناطق الخطر من خريطة الإرهاب الذي لابد من مقاومته، ثم قدموا كل الدعم للإخوان وهم يحاولون حرق مصر والانتقام من شعب قام بأكمله ليسقط فاشيتهم، ومن جيش انحاز للشعب، ومن دول عربية أدركت الخطر، وقدمت كل المساندة لكي تعبر مصر هذه الأزمة، وتعود لأمتها العربية وتضرب إرهاباً قالت عنه منذ اليوم الأول إن أحداً لن يكون بعيداً عنه إذا ترك دون حرب حقيقية!! لماذا نعود لهذه المقدمات التي لم تعد خافية على أي عقل يريد أن يفهم، أو يحاول أن يكون على الخط الصحيح لإنقاذ وطنه!!

نعود لأن علينا أن ندرك أن نفس المخطط الذي يرعى الإرهاب، سيقف أيضا ضد المحاولة الجديدة والضرورية لإنشاء قوة عربية مشتركة تتصدى للخطر، والتي تتضافر جهود مصر والأردن مع الإمارات ومعظم دول الخليج في السعي لإقامتها.

الخطة الأميركية منذ منتصف القرن الماضي تقوم على أن هناك فراغاً في المنطقة، وأن عليها هي أن تملأ هذا الفراغ، بينما كانت الحركة العربية التي قادها يومئذ جمال عبد الناصر تقول: إن وحدة العرب هي التي تقيم الاستقرار وتمنع أي تهديد لأمنهم.

ومن هنا كان الصدام الذي تنوعت أساليبه وإن احتفظ بسمة أساسية لم تتغير وهي العداء للعروبة ومنع مشروعها القومي من أن يتحقق. ومشروع إعادة تفكيك وتركيب المنطقة الذي اتخذ أسماء كثيرة (من الشرق الأوسط الكبير إلى الواسع إلى الفوضى الخلاقة.. إلخ) يقوم أساساً على الانفراد بكل دولة عربية وتدميرها أو إغراقها في الحروب الأهلية، تمهيداً لتقسيمها كما حدث في العراق وسوريا، ويتم التمهيد له في لبنان واليمن والطريق مفتوح إذا لم نأخذ الأمر بالجدية الواجبة.

وإطلاق داعش ليستولي على ثلث العراق وسوريا في أيام، ثم يحاول التمدد في كل أنحاء الوطن العربي لم يكن خدمة للإسلام ولم يكن أيضا رداً على سقوط الإخوان في مصر، رغم دعم أميركا وحلفائها الذي لم ينقطع، ولكنه خطوة ضرورية لمخطط التقسيم الجديد للعالم العربي، وباب واسع للحروب الطائفية، واستنزاف لما تبقى من جهد عربي.

لا نقول ذلك هروباً من مسؤولية عربية عن أخطاء عديدة ارتكبناها في السابق أو نرتكبها الآن، ولا لكي نلقي عبء ما نعانيه على غيرنا، ولكن لكي ندرك حجم التحدي الذي يواجهنا، وضراوة الحرب التي نخوضها، ونقول ذلك لكيلا يكون لدينا أي شك في أن أي خطوة على طريق الوحدة والعمل العربي المشترك الآن هي معركة حقيقية، وأن هذه الحرب ستكون أقسى عندما يتعلق الأمر بالعمل العسكري أو بإنشاء قوات عربية مشتركة لمواجهة خطر الإرهاب وكارثة التقسيم ومحاولات إغراقنا في مستنقع الحروب الأهلية والطائفية.

أعرف أن الظروف غير مهيأة الآن لتفعيل معاهدة الدفاع العربي المشترك التي فشلنا في ترجمتها لواقع حقيقي على مدى 65 سنة، ولا أتصور أن القمة العربية المقبلة سيكون رؤساء أركان الجيوش العربية ضمن أبرز أعضاء الوفود الرسمية فيها. ولكن المؤكد أن ما من أحد سيحضر القمة إلا وهو يدرك حجم الخطر أو يواجهه بالفعل.

إذا لم يكن هذا وقت العمل العربي المشترك فمتى يكون؟!

الأكثر قراءة

No stories found.


logo
إرم نيوز
www.eremnews.com