مَن يُصدِّق؟...«دقيقتان» تُثيران جدلاً يابانياً حول.. «ثقافة العمل»
مَن يُصدِّق؟...«دقيقتان» تُثيران جدلاً يابانياً حول.. «ثقافة العمل»مَن يُصدِّق؟...«دقيقتان» تُثيران جدلاً يابانياً حول.. «ثقافة العمل»

مَن يُصدِّق؟...«دقيقتان» تُثيران جدلاً يابانياً حول.. «ثقافة العمل»

محمد خروب

غريب اندلاع هذا الجدل المحمول على سخرية بعض الاحيان حول ثقافة العمل، خاصة أن ارخبيل الجزر اليابانية يمتاز ربما عن غيره في معظم بلاد المعمورة’ بأن للعمل في تلك البلاد قدسيته وأنظمته ونواميسه, التي جعلت من اليابان خصوصا في ثمانينيات وتسعينيات القرن الماضي عملاقاً اقتصادياً, بعد أن نهضت من هزيمة وإذلال الحرب التي أحالتها الى دمار وخراب, بعدما وصلت الوحشية الاميركية ذروتها بإسقاطها قنبلتين نوويتين, بعد ان كانت طوكيو- الامبراطورية التي تتحمّل قياداتها العسكرية العدوانية مسؤولية كبيرة في الحرب الكونية الثانية- تستعِد للاستسلام.

الجدل الذي استدرج اهتماما جماهيريا وإعلاميا واسعاً, تركّز (وِفق صحيفة جابان تايمز) حول مُوظفين تركوا العمل مُبكراً بـ«دقيقتين», تم مُعاقبتهم بـ«خفض رواتبهم», كإجراء اتخذه مجلس مدينة فوناباشي التعليمي في العاشر من الشهر الجاري.

«سبعة» هو عدد الموظفين الذين طالتهم العقوبة المُتدرجة، لكن «سخرية» جماهيرية ضد هذا الإجراء لم تلبث أن شملت وسائل الإعلام وخصوصا منصات التواصل الاجتماعي, إنْ لجهة الدعوة الى تصنيف هذا «النوع» من ثقافة العمل, أو لجهة التساؤل عن «عدد» الشركات (وليس المؤسسات الحكومية) التي تَدفع بشكل صحيح ثمن دقيقة العمل"؟. بل ذهب احدهم مُستطرداً: اذا كان الامر كذلك, فيجب أن يتقاضى الموظفون الذين يعملون لمدة «دقيقة واحدة» إضافية مُقابِل ذلك.

ليس ثمة ما يدعو للسخرية أو الحطّ من قيمة جدل كهذا, لم يأخذ طابعا انتقاميا بقدر ما يروم تصحيح المفاهيم وضبطها حول ثقافة العمل, التي لا تجد مكانها ومكانتها الصحيحة في معظم دول العالم الثالث, خصوصا بلاد العرب حيث لا قيمة للوقت ولا أهمية للالتزام الأخلاقي والمِهني للوظيفة, إدارية أكانت أم إنتاجية ناهيك عما يلحق بـ«ثقافة العمل» من سُخرية واستهانة, خاصة في وظائف القطاع العام حيث الإحصائيات تكشف ضآلة الانتاج على مختلف الصعد, والتي تجد من أسف تبريراً ودعما لها من أوساط إدارية متعددة الدرجات.

ما علينا..

اللافت على نحو (غير طريف) ان الموظفين السبعة, برّروا سلوكهم هذا بانه كان بهدف اللحاق بحافلة العودة، حيث (بحسبهم) مُغادرة العمل في الساعة الخامسة والربع, ستجعلهم لا يَلحقون بموعد الحافلة في الساعة الخامسة وسبع عشرة دقيقة، ما يعني انه سيكون عليهم الإنتظار «30» دقيقة أخرى لحين وصول الحافلة التالية.

هنا اتخذ مجلس المدينة قرار العقوبة, بل كشف ان الموظفين السبعة «تركوا العمل مُبكراً» (316) مرّة خلال الفترة ما بين آيار 2019 الى كانون الثاني 2021. الامر الذي استوجب معاقبتهم.. وهو ما كان. لكنها لم تكن عقوبة مُتماثلة بل وِفق الموقع الوظيفي, اذ نال الموظف الاكبر/المسؤول عقوبة تخفيض راتبه بمقدار الثلث للأَشهر الثلاثة المُقبلة, ما مقداره 136 ألف ين( قرابة ألف دينار) بعدما تبيّن انه كان يحتال في مواعيد العمل..وعُوقب موظفان آخران بتوجيه توبيخ كتابي لكليهما, فيما تم «تحذير» الآخرين بـِ«شدة».

«اللافت» في كل ما جرى أن أحداً لم يتحدّث عن «وسيط» تدخَّل. فالأولوية للقانون والواجِب والضوابط الأخلاقية والمِهنية.

الرأي

الأكثر قراءة

No stories found.


logo
إرم نيوز
www.eremnews.com