الانتخابات الفلسطينية.. استكمال لحلقات التغيير!
الانتخابات الفلسطينية.. استكمال لحلقات التغيير!الانتخابات الفلسطينية.. استكمال لحلقات التغيير!

الانتخابات الفلسطينية.. استكمال لحلقات التغيير!

تاج الدين عبد الحق 

ليست هذه هي المرة الأولى، التي يُعلَن فيها عن انتخابات تشريعية ورئاسية فلسطينية، ولا يُعرف ما إذا كانت الحظوظ هذه المرة، أفضل مما كانت عليه في المرات السابقة، وما إذا كان الإعلان الجديد يرتبط بمناخ محلي وإقليمي مختلف، يكفل إتمام العملية الانتخابية الموعودة، دون منغصات كتلك التي حالت دون إجرائها لأكثر من عشر سنوات متتالية. 

ويبدو أن الفلسطينيين، رغم انتظارهم الطويل لهذه الانتخابات،  لا يعولون كثيرا على النتائج المنتظرة لها، والتعامل معها كعامل تغيير كبير في الوضع السياسي والاقتصادي والاجتماعي الفلسطيني، خاصة وأن نوايا الأطراف الفلسطينية ليست متوافقة مع الشكل الذي يجعل هذه الانتخابات عامل تأثير على حياة الفلسطينيين، وعنصر دفع في عملية المفاوضات المتوقفة منذ سنوات طويلة. 

وأول ما يلفت النظر في الدعوة الجديدة للانتخابات، أنها لا تأتي استجابة لضغط شعبي فلسطيني، ولا لرغبة القوى السياسية، بل بمبادرة من السلطة الفلسطينية وسط دلائل عن أنها -إنْ جرت- ستكون منافسة من داخل الطاقمين: الحاكم في الضفة الغربية، والمعارض المسيطر في قطاع غزة.

 فقد جرى على مدى سنوات من التلكؤ في اتمام الاستحقاق الانتخابي، تجريف الحياة السياسية الفلسطينية، ولم تظهر منذ عام 2006، قوى سياسية جديدة كتلك التي كانت موجودة في مطلع قيام السلطة الفلسطينية، أو في الانتخابات التشريعية التي جرت في ذلك العام ، والتي أظهرت -للمرة الأولى- حركة حماس، كقوة سياسية منافسة لحركة فتح ولرموز الثورة الفلسطينية التقليدية . 

عدم وجود دلائل على إمكانية حدوث تغيير عميق في القيادة الفلسطينية، كثمرة من ثمار الانتخابات المقبلة، يشكل في حد ذاته، الحدود التي يمكن أن تشهدها عملية المفاوضات الفلسطينية الإسرائيلية .  

وفي هذا الإطار فإن توقيت الإعلان عن الانتخابات التشريعية والرئاسية، يشير إلى أن السلطة الفلسطينية تعوّل حاليا، على التغييرات الإقليمية والدولية الجارية لتحريك المفاوضات والعودة إلى الإطار الأساس للمفاوضات القائم على حل الدولتين، وقيام الدولة الفلسطينية على حدود الرابع من حزيران عام 1967 وعاصمتها القدس الشرقية.   فالسلطة الفلسطينية لا تخفي توقعاتها بشأن خسارة اليمين الإسرائيلي برئاسة بنيامين نتنياهو للانتخابات المقبلة، كما أنها لا تتردد في استبشارها بوصول جو بادين للبيت الأبيض، سواء على صعيد دفع عملية المفاوضات، أو على صعيد استعادة السلطة الفلسطينية لمكانتها في العلاقات الفلسطينة الأمريكية، والتي تأثرت كثيرا بالقرارات التي اتخذها الرئيس المنتهية ولايته دونالد ترامب. 

ومن الواضح أن الإدارة الأمريكية التي أخذت على عاتقها إصلاح ما أفسدته إدارة ترامب، ستجد في العلاقات مع السلطة الفلسطينية مجالا واسعا يقدمها كخيار بديل للخيار الذي أخذته الإدارة الأمريكية السابقة في شهورها الأخيرة، والتي كان من أبرزها قطع العلاقات مع السلطة الفلسطينية وتقليص المساعدات لها ولوكالة غوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين الأونروا . 

أما على الصعيد الإقليمي، فإن قوى فلسطينية كثيرة باتت ترى أن إسرائيل التي تنفتح أمامها فرصا جديدة لعلاقاتها مع العالم العربي، ستكون مترددة في صد أي يد فلسطينية تمتد إليها بعد الانتخابات المقبلة، خاصة إذا جاءت نتائج تلك الانتخابات ضمن المواصفات التي يقبلها المجتمع الدولي . 

فإسرائيل يمكن أن تدفع- عندها - من الرصيد الجديد لعلاقاتها المتنامية مع العالم العربي، إنْ هي أبقت على صلفها في مطالبة الفلسطينيين بمزيد من التنازلات كثمن لتسوية لا يقبلها الفلسطينيون، على غرار صفقة القرن التي لم تجد أحدا من الفلسطينيين يتبناها أو يقبل بها. 

والواضح من التحركات التي تشهدها الساحتان الإقليمية والدولية، أن الانتخابات الفلسطينية المقبلة هي استكمال لحلقات سياسية أوسع، وهي جزء من عملية أوسع تنخرط بها أطراف عربية وأوروبية فضلا عن روسيا، لتهيئة الأجواء لمرحلة جديدة تتضح فيها ملامح السياسة الأمريكية في مرحلة ما بعد تسلم إدارة الرئيس جو بايدن، وتتوضح فيها معالم سياسة تل أبيب، في ضوء ما ستسفر عنه الانتخابات التشريعية المقبلة في إسرائيل، وتنجلي فيها، توازنات القوّة في الساحة الفلسطينية، وما إذا كانت حركة حماس ستظل عنصرا معطلا لأي مقاربة جديدة، للسلطة الفلسطينية، باتجاة تسوية سياسية تاريخية في المنطقة .

الأكثر قراءة

No stories found.


logo
إرم نيوز
www.eremnews.com