«كورونا».. ورؤية إماراتية مختلفة للعلاقات الدولية
«كورونا».. ورؤية إماراتية مختلفة للعلاقات الدولية«كورونا».. ورؤية إماراتية مختلفة للعلاقات الدولية

«كورونا».. ورؤية إماراتية مختلفة للعلاقات الدولية

محمد خلفان الصوافي

أغلب الناس، متخصصين وعاديين، يعرفون منذ زمن أن لدولة الإمارات رؤية سياسية مختلفة لما يجري في الإقليم العربي وفي العالم، هذه الرؤية تتجاوز كثيراً ما يعتقده الآخرون في نظرتهم للقضايا ما أدى لبعضهم لأن يتحفظوا على مواقفها في بداية الأمر ولكن مع مرور الزمن كانت تثبت صحة تلك الرؤية، هنا بعض الأمثلة على ذلك، التركيز على توفير الاستقرار المجتمعي والاهتمام بالإنسان باعتبارهما أساس التنمية الشاملة للدول، ومنها أيضاً محاربة كل الأفكار والسلوكيات التي تثير الحساسيات والنعرات بين أفراد المجتمع من خلال مكافحة الجماعات المتطرفة ومثيري الشغب.

كما تتجاوز دولة الإمارات عدداً من الدول في العالم خاصة تلك التي تبني علاقاتها السياسية وفق معيار وحيد وهو البراغماتية المتطرفة والمصلحة فقط، دون وضع أي اعتبار للجوانب الأخرى خاصة المفاهيم الإنسانية التي بدأت تحتل حيزاً في الساحة الدولية، لأن تلك الاعتبارات لما طغت مثلت أنانية سياسية وكانت النتيجة الكوارث التي حلت على البشرية في العالم، لهذا اشتهرت الدبلوماسية الإماراتية أنها قائمة على مساعدة الإنسان ومد يد العون له في العالم وبنت الصورة الذهنية عنها كونها «وطن الإنسانية»، وبالتالي يتم اللجوء إليها من الأفراد قبل المنظمات الدولية في الحصول على المساعدات، حصل ذلك في مناطق الأزمات في العالم مثل الصومال، وجنوب لبنان والبوسنة والهرسك وأفغانستان والعراق.

وفي الأزمة الحالية التي تمر على المجتمع الدولي تجاوز الأمر وأصبحت الدولة الأولى التي بادرت لتعلن عن تضامنها مع شعوب العالم والوقوف معهم في معاناتهم وتقديم المساعدة في الوقت الذي نجد بعض السياسيين ما زالوا يتفنون في التخطيط من أجل مصالح سياسية وأخرى. بل إنها كانت الدولة الوحيدة التي لجأ إليها مواطنون لدول مختلفة في العالم من أجل إجلائهم إما من الصين، مصدر الفيروس، أو من دول أخرى في العالم.

هذا يلخص لنا شيئين اثنين، الشيء الأول: أن قادة دولة الإمارات هم الأقرب إلى تفهم احتياجات الشعوب في العالم وخاصة الإنسان العربي ودول العالم الثالث، لذا ينبغي ألا نستغرب أن مواطناً بسيطاً من إحدى دول آسيا الوسطى يغني للقيادة السياسية لدولة الإمارات ولا نستغرب أن يسعى إنسان تقطعت به السبل في أقصى العالم العربي لأن يطلب مساعدة القيادة الإماراتية إلا وأنه على يقين سيتم تلبية طلبه، وهذا ناتج من أن خطوط الاتصال مفتوحة بين القيادة وشعبها، الذي يمثل عينة للمجتمع الإنساني الدولي من خلال استضافتها للجاليات التي تتعدى الـ(200) جنسية.

الشيء الثاني: إدراك القيادة الإماراتية أن أخلاقيات العمل السياسي في العلاقات الدولية في طريقها نحو التحول وبالتالي على السياسيين في العالم تغيير السلوكيات التقليدية القائمة بشكل حاد على المصلحة والمنفعة كما حصل مع كل من إيطاليا وصربيا من جاراتها الأوروبية عندما رفضت تقديم المساعدات لها فكان الانفعال والغضب من الرأي العام العالمي أكبر من رد فعل السياسيين، التي لم تعد تعتبر من الشهامة والنجاح السياسي بقدر ما أنها تعبر عن «الأنانية السياسية» وهذا يوضح أبعاد الرؤية السياسية الإماراتية وآفاقها في الرهان على الإنسان والإنسانية.

وعلى ضوء هذا الطرح، فإن دولة الإمارات تدخل من خلال مواقفها المتضامنة مع العديد من دول العالم، بعضها على خلاف سياسي معها، في محاولات بعث مفاهيم جديدة في العلاقات الدولية ـ لا علاقة لها بما كان يطرح وفق نظرية «الغاية تبرر الوسيلة»، وأن العمل بشكل أناني من أجل إنقاذ مجتمعك لا يعني أنك بعيد عن التأثر أو أنه سيزيد من رصيدك السياسي ـ وتهدف إلى تنظيم الدول لعلاقاتها مع بعض لمواجهة التحديات.

الإمارات تمثل اليوم علامة فارقة في نظريات العلاقات الدولية التقليدية، وردود فعل الرأي العام العالمي لمبادرات صاحب السمو الشيخ محمد بن زايد آل نهيان من مختلف دول العالم هي مؤشرات بأهمية الاهتمام بالإنسان في أي مكان في العالم، حيث تأكد الجميع أن سموه يحمل هم الإنسان في قلبه.

العرب

هذا المقال يعبر عن رأي الكاتب ولا يعكس بالضرورة وجهة نظر شبكة إرم نيوز

الأكثر قراءة

No stories found.


logo
إرم نيوز
www.eremnews.com