أي اتحاد أوروبي بعد «كورونا»؟
أي اتحاد أوروبي بعد «كورونا»؟أي اتحاد أوروبي بعد «كورونا»؟

أي اتحاد أوروبي بعد «كورونا»؟

إميل أمين

هل سقط تضامن الاتحاد الأوروبي المفترض في بئر «كورونا» السحيق؟

لا وقت الآن لدى الأوروبيين للتفكير، لكنهم حكماً سوف يستفيقون بعد الأزمة على نهاية مفجعة لهذا الكيان السياسي الذي تلقى ضربة قاصمة.

فكرة الاتحاد الأوروبي نشأت لخلق حالة من التضامن والتعاضد بين دولة، لا سيما في أوقات الأزمات والملمات الكبرى، ومن أجل حياة أفضل لشعوب أعضائه، إلا أن ما جرى مع عدة دول مثل إيطاليا تحديداً يرسم علامات استفهام جذرية حول المستقبل.

ما قامت به عدة دول من إغلاق حدودها، وإعادة فرض حدود الشنغن، أمر يخالف الاتفاقيات الأوروبية، الأمر الذي ذكرت به رئيسة المفوضية الأوروبية أورسولا فون ديرلاين.

أظهرت أزمة كورونا أن الآليات اللازمة لتنفيذ الاتفاقيات الأوروبية مصابة بعطب شديد، وغير كافية لمواجهة التحديات الطارئة.

المتابع للعديد من التصريحات للمسؤولين الرسميين وكذا للإعلاميين في دولة مثل إيطاليا، يبيّن لنا ما الذي ينتظر الاتحاد الأوروبي.

خذ إليك ما فاه به رئيس وزراء إيطاليا جوزيبي كونتي، والمرارة التي تغلف حديثه: «لقد طلبنا المساعدة من الأوروبيين، لكن الجواب لم يكن فقط غلق الحدود، بل الترويج لأن المشكلة إيطالية، وعليه فإن الحل يتوجب أن يكون إيطالياً أيضاً».

أظهرت أزمة كورونا أن سقف التعاون الصحي بين الأوروبيين شبه منهار بالفعل، فحين طلبت إيطاليا مستلزمات طبية من ألمانيا، كان الجواب: «ما لدينا لا يكفي لنا ولكم».

ذابت وحدة أوروبا كالجليد عند شروق الشمس على حد تعبير الصحافي الإيطالي لورينزو فيتا، أما مواطنه وزير الداخلية السابق، وأحد رموز اليمين الأوروبي المتشدد ماثيو سالفيني، فلم يدارِ أو يوارِ مشاعره... «عندما تنتصر إيطاليا على الوباء سنغلق حدودنا، لا سيما في وجه الدول التي أغلقت حدودها في وجهنا، وشركاتها التي لم يكن لها سوى هم واحد... القفز على السوق الإيطالية لتحل محل الشركات الإيطالية».

أمران يتبديان بشكل مخيف في التجربة الإيطالية:

الأول مدى النرجسية غير المستنيرة التي عمت القارة العجوز، إذ فات بقية دول أوروبا أنها لن تنجو من تفشي الوباء حال تحولت إيطاليا إلى بؤرة للمرض، الأمر الذي جرت به المقادير بالفعل لاحقاً، وعوضاً عن مد الأيدي طويلاً وسريعاً، لم يبادر أحد لإنقاذ إيطاليا.

الثاني موصول بفكر المؤامرة، والسؤال هنا: هل هناك أحد ما داخل أوروبا أراد أن يضع وجه إيطاليا في مواجهة الجدار كما يقال، من جراء خروجها على الإجماع العام الأوروبي للتعامل مع الصين؟

الشاهد أن الإيطاليين هم أكثر من عزز ووثق الرباطات المختلفة مع الصين، وقد ضربوا عرض الحائط بالرفض الأوروبي، فهل في المشهد لمسات أو لمحات من عقاب ما؟

لا يتوقف أمر الفوضى الأوروبية عند حدود إيطاليا، فالمستشار النمساوي سيباستيان كورتز بدوره تحدث عن غياب حالة التضامن الأوروبي في أوقات الأزمات الجادة، فيما كريستين لاجارد مديرة البنك الدولي أكدت أن توجهات الأوروبيين لا تدعم النمو الاقتصادي عما قريب أوروبياً.

لم يعد الاتحاد الأوروبي هيكلاً جاذباً للغير، فالذين استمعوا إلى كلمات الرئيس الصربي ألكسندر فوتشيتش، الذي كانت بلاده مرشحة للانضمام إلى الاتحاد، يدركون تهافت حالة الاتحاد بين الأوروبيين.

طرفان مستفيدان مؤكدان من فوضى أوروبا - كورونا:

التيارات اليمينية المتطرفة والمتشددة، التي ستشيع من جديد عدم جدوى هذا الاتحاد، وتسعى إلى انفراط عقده، وبعضها قائم كما الحال في المجر، والآخر قادم كما الوضع في ألمانيا وفرنسا وغيرهما.

والثاني هو الصين وروسيا اللذان أرسلا المساعدات والطواقم الطبية لمساعدة الإيطاليين والإسبان، فيما تنتظر فرنسا دورها في المساعدات.

تضعضع الاتحاد الأوروبي أمام فيروس، وتبخر «الناتو»، فكيف الحال إذا اندلعت حرب عالمية؟

ربما ستولد أوراسيا من رحم كورونا... كيف وبأي طريق؟

الشرق الأوسط

هذا المقال يعبر عن رأي الكاتب ولا يعكس بالضرورة وجهة نظر شبكة إرم نيوز

الأكثر قراءة

No stories found.


logo
إرم نيوز
www.eremnews.com