استراتيجية الأبواب المواربة
استراتيجية الأبواب المواربةاستراتيجية الأبواب المواربة

استراتيجية الأبواب المواربة

حِراك دبلوماسي محموم، ورحلات مكوكية، بين عواصم عربية وعالمية وبؤر ساخنة، وشكوك عميقة متبادلة بين رعاة تحولوا إلى أطراف، ولم يعد الوقوف على مسافة واحدة من الجميع ممكناً إلا في تصريحات تستهدف التضليل .

هذه مجرد إضاءات متباعدة على مشهد يلفه الغموض، وقد تكثفت فيه أحداث منها ما بدأ قبل أكثر من عقد، وكانت الشهور الأولى من هذا العام هي موسم الحصاد، وهذا بالفعل ما توقعه مراقبون واستراتيجيون وهم يودعون العام الماضي، ففي موسكو مثلاً ما أن غادرها وزيرا الدفاع والخارجية المصريان حتى سُلطت الأضواء على كييف، التي تحولت أزمتها الأوكرانية إلى ورقة ضغط على روسيا، فيما يتواصل السجال في جنيف وفيينا حول مسألتين كبيرتين، الأولى متعلقة بسوريا والبحث عن مخرج سياسي شبه متعذر إلا لمن أوتي الكثير من العلم في فقه المقايضات والصفقات السياسية، والثانية مواصلة البحث عن مخرج لأزمة نووية بين طهران والغرب بعد أن مكثت هذه الأزمة زمناً وهي تراوح أو تتكرر صيغها، كما أنها حُشرت في باب دوّار .

وفي المدى القريب ستسفر انتخابات الرئاسة في مصر عن نتائج قد تكون حاسمة في مواجهات محلية، بعد ثلاثة أعوام من تعطيل الحياة وتأزيم كل شيء، بحيث غدت هذه الأعوام الثلاثة أشبه بمديوينة تنتظر التسديد في أول استقرار نسبي للبلاد .

هذا الحراك المتسارع دبلوماسياً شرقاً وغرباً وشمالاً وجنوباً أشبه بسباق ماراثوني، وكأن العالم يعيش فرصة أخيرة، رغم أنه ما من فرصة أخيرة في السياسة والبحث عن مخارج لأزمات مزمنة .

فهل ضاق العالم كله ذرعاً بما جرى فيه خلال الثلاثة عشر عاماً التي دشنت هذا القرن وهذه الألفية بدءاً من أحداث أيلول الأمريكية، أم أن أوان الحصاد قد حان؟ وهيأ كل طرف سلاله لجني الغنائم حتى لو كانت من دمه ومن خزانته وعلى حساب شعبه .

لكن ما نخشاه هو أنصاف الحلول، التي أصبحت من ركائز ثقافة العولمة بحيث تبقى الأبواب كلها مواربة .

وما نخشاه أيضاً هو أن يدفع الصغار ثمن أزمات الكبار الذين قرروا أن يخوضوا حروبهم على ساحات الآخرين وبدماء الآخرين أيضاً، فالولايات المتحدة أغلقت هذا الباب بعد أفغانستان والعراق، وعاد إليها من التوابيت ما يكفي لتغيير هذا النهج، وكذلك روسيا التي ترفض إرسال جندي واحد خارج حدودها .

إن مثل هذا الحراك الدبلوماسي والجولات المكوكية يقدم أحياناً إشباعاً كاذباً للرغبة في الاستقرار، تماماً كما هو الحال مع الفجر الكاذب والحمل الكاذب أيضاً الذي يتسرع البعض بتحضير اسم ومهد للمولود المتخيل منه .

(الخليج الإماراتية)

الأكثر قراءة

No stories found.


logo
إرم نيوز
www.eremnews.com