مصر لن تسمح.. هل يفهم «أردوغان»؟
مصر لن تسمح.. هل يفهم «أردوغان»؟مصر لن تسمح.. هل يفهم «أردوغان»؟

مصر لن تسمح.. هل يفهم «أردوغان»؟

جلال عارف

على مدى السنين الماضية، تعاملت مصر بكل حكمة مع الوضع الشائك في الشقيقة ليبيا، ورغم الجنون الذي أصاب جماعة «الإخوان» بعد سقوط حكمهم الفاشي لمصر ومحاولتهم الإضرار بمصر عن طريق الحدود الغربية.. فإن مصر كانت - وما زالت - تقدر الأوضاع التي تم فرضها على شعب ليبيا الشقيق، وتعلن - بلا تردد ولا حسابات ضيقة - وقوفها بصلابة مع شعب ليبيا حتى يسترد دولته من قبضة عصابات الإرهاب، ورفضها التدخل الأجنبي في الشؤون الداخلية لليبيا، وتأييدها اللا محدود لجهد الجيش الوطني الليبي لتطهير ليبيا من ميليشيات الإرهاب.

في أصعب الظروف كانت عصابات الإخوان والدول الداعمة لها تعمل على فتح الجبهة الغربية لتكون مصدراً أساسياً لمحاولة الإرهاب الإخواني، لضرب استقرار مصر، وكانت معسكرات التدريب تعمل داخل ليبيا وبالقرب من الحدود مع مصر لتخريج أفواج الإرهابيين وإرسالهم لاختراق الحدود والقيام بالعمليات الإجرامية ضد شعب مصر وجيشها، وبلغ التمادي بعصابات الإرهاب الإخواني - الداعشي والدول الداعمة لها حد التلويح بتكوين «جيش مصر الحر» على غرار ما فعلوه وهم يدمرون سوريا الشقيقة.

ومع ذلك كله، استمرت مصر على موقفها الثابت والحاسم، قامت بتأمين حدودها كما يجب، ووقفت مع الجيش الوطني الليبي لتطهير المنطقة الحدودية من كل عصابات الإرهاب، وتم تدمير كل البؤر الإرهابية، لينطلق جيش ليبيا الوطني بعد ذلك لتطهير باقي الأراضي الليبية ويسيطر حتى الآن على 90% من مساحة ليبيا ويستعد لاستكمال المهمة الوطنية واستئصال ما تبقى من عصابات الإرهاب.

الآن.. يقود «أردوغان» المحاولة الأخيرة لإنقاذ عصابات الإرهاب الإخواني - الداعشي من مصيرها المحتوم في ليبيا، يبدو الرجل محاصراً بين جنون استعادة السلطنة، وبين الإحساس بمرارة الهزائم المتكررة.

ومن ناحية أخرى.. يحاول الرجل الهروب من هزائمه المتكررة داخل بلاده وخارجها.

يدخل مغامرته في ليبيا وكأنه يقامر بما تبقى من نظام يفلس مادياً ومعنوياً، يتصور الرجل أن «البلطجة» يمكن أن تمنحه أوراقاً في ابتزاز أوروبا، وأن التواجد في ليبيا سوف يغير الموازين وسوف يمكنه من إحياء وإعادة بعض الحياة للمشروع الإخواني العثماني المشترك الذي لا يصدق أنه مات وشبع موتاً.

من هنا، لابد للمهووس العثماني أن يسمع موقف مصر الحاسم، وأن يدرك أن الحماقة التي ارتكبها في سوريا والتي ستدفع بلاده ثمنها غالياً، لا يمكن أن تتكرر في ليبيا، كان عليه أن يسمع الرئيس المصري وهو يؤكد أن الأوضاع في ليبيا هي من صميم الأمن القومي المصري، كما هي الأوضاع في السودان الشقيق، وأن مصر لا يمكن أن تسمح لأي قوة أجنبية بأن تسيطر هناك وتهدد أمن مصر والأمن العربي، وكان عليه أن يتدبر ما قاله الرئيس المصري من أن مصر لم تتدخل من قبل في الشأن الداخلي الليبي احتراماً لشعبها الشقيق، لكن دعمها لجيش ليبيا الوطني لن يتوقف حتى تتحرر ليبيا من أسر الميليشيات وتستعيد الدولة الوطنية سيطرتها على أرض ليبيا.

ومع ذلك، يبدو أردوغان وقد استبد به «الهوس» ماضياً في حماقته، ساعياً إلى فرض وجوده العسكري على الأرض الليبية مستغلاً هذه الأوراق التي وقعها مع والي طرابلس «السراج»، والتي لا شرعية لها لاكتساب مواقع جديدة من «أرض أجداده» تمكنه من مد النفوذ ونهب الثروات وتهديد أمن الجيران، وفي المقدمة مصر التي أصبح العداء لها هو الموجه لسياساته منذ إسقاط حكم الفاشية الإخوانية التي سقطت معها أوهام العثمانية..

كل ما راهن عليه أردوغان سقط، سلاح ابتزاز العالم وتهديده بالإرهابيين يفقد مفعوله، انتظار انفجار الخلافات بين الدول الأوروبية وتضارب مصالحها في المتوسط أو ليبيا لم يتحقق، لأن الكل يدرك حجم الخطر، ويعرف عمق التحالف بين أردوغان والإرهاب الإخواني الداعشي، محاولة التلاعب بالانقسامات الداخلية في ليبيا كشفتها المؤامرة الأخيرة مع السراج والعصابات التي معه، وكانت النتيجة وحدة الشعب الليبي ضد استعمار يحاول أن يخفي وجهه القبيح الذي عانت منه ليبيا طويلاً.

الموقف الداخلي في ليبيا أصبح واضحاً: من جانب تقف ميليشيات الإرهاب وفلول الإخوان والدواعش مع «قناع» اسمه حكومة السراج ودعم مكشوف من أردوغان ومن يمدونه بالمال ليمضي في حماقاته. وفي الجانب الآخر يقف شعب ليبيا وجيشه الوطني وبرلمانه الشرعي المنتخب.

يكتشف الليبيون ومعهم العالم كله أن الحديث عن «مذكرات تفاهم» لم يكن إلا شعاراً لإخفاء اتفاقيات باطلة، وأيضاً يكتشف الليبيون أن ما تم إخفاؤه من نصوص ما يسمونه مذكرات التفاهم ينكشف الآن عن تجاوز دعم الميليشيات الإرهابية، إلى منح تركيا حق إرسال قوات عسكرية إلى ليبيا، وإلى وضع الجيش والشرطة والأجهزة الأمنية الليبية لإشراف مكتب عسكري تركي.

مصر أعلنت ألف مرة أنها مع الحل السياسي الشامل للأزمة في ليبيا، وأكدت أن هذا الحل لابد أن يمر عبر القضاء على الميليشيات الإرهابية، واستعادة جيش ليبيا لوحدة الأراضي الليبية وسيطرة الدولة الوطنية وإنهائها لسنوات الفوضى والدمار.

حديث مصر عن الحل السياسي الشامل كان لابد أن تترافق معه المناورة البحرية لقواتها في البحر المتوسط، وأن يتكلل بحديث الرئيس المصري الحاسم عن أن مصر لن تسمح لأي قوة أجنبية أن تسيطر على ليبيا أو تتدخل في شؤونها، أو تحولها إلى قاعدة للإرهاب، أو نقطة انطلاق جديدة لمهووس تركي يتصور أن ليبيا «وكل الأراضي العربية» هي أرض جدوده!!

البيان

هذا المقال يعبر عن رأي الكاتب ولا يعكس بالضرورة وجهة نظر شبكة إرم نيوز

الأكثر قراءة

No stories found.


logo
إرم نيوز
www.eremnews.com