مفكرة دبي: كتابان
مفكرة دبي: كتابانمفكرة دبي: كتابان

مفكرة دبي: كتابان

المؤتمرات مناسبة لتلقِّي الكتب كهدايا. أحيانا تكثر الهدايا علينا وعلى الحقائب فنضطر إلى تركها في الغرف، بعضها مكرهين، وبعضها عكس ذلك. هذه المرة أُهديت كتبا كنت قد اشتريتها خلال العام الماضي.



في كل مؤتمر، في كل بلد، ألتقي الدكتور عبد الله المدني ومعه مؤلَّف جديد له على الأقل. وجديد الرجل ليس الطباعة، بل المحتوى. لقد اختار التخصّص العالي والعميق في شؤون آسيا الثقافية والحضارية والسياسية، ودائما لديه ما يضيفه إلى معارفنا. هذه المرة كان جديده كتابا مصورا عن مدينة الخبر وتاريخها، وتاريخ النفط السعودي، والمنطقة التي نشأ فيها هذا الأديب البحريني. وإذا كانت مؤلفاته السابقة تُقرأ، فتاريخ الخبر يُقرأ ويُشاهد معا. إنه عبارة عن «غاليري»، دليلها ذو خبرة ومشاعر وذكريات.

الهدية الثمينة الأخرى لم تكن عن مدينة سعودية، بل عنوانها «نجد قبل النفط»، أي قبل نشوء الخبر. والمؤلفة زميلة تنافس كتّاب الزوايا بما لها من ولاءات ومعارضة، وروائية تتجه أيضا إلى مكانة عالية.

أما في هذا الكتاب، فهي باحثة سوسيولوجية اجتماعية تاريخية، لست أدري كم أمضت من الوقت والمقارنة والتدقيق. لعل هذا الاجتهاد هو الذي يجعل كتابات بدرية البشر تبدو جميعها من السهل الممتنع.

وكنت أتمنى أن أعرض بعض فصول الكتاب (دار مدارك)، لكنني أخشى عليه من افتراء الاجتزاء. وقد يبدو من عنوانه أنه (ربما) يكون مهما فقط لأهل نجد، لكنه في الحقيقة دراسة تاريخية مقارنة لمجتمعات القرن الثامن عشر في كل مكان. قد يكون هذا أيضا نسخة عن تاريخ المجتمع اللبناني مع اختلافات ضئيلة جدا. ربما. وربما لا أيضا. وللقلائل الذين لم يتابعوا زاوية بدرية البشر، فإن عنوانها المتواضع مثل الروح التي تكتب بها، هو «ربما».

هل دبي مكان أو مناخ للإنتاج الأدبي؟ هناك انطباع بأن البلدان الهانئة لا تنتج أدبا عظيما. بلدان العذاب وحدها أعطت أدبا كبيرا: روسيا القرن التاسع عشر، وفرنسا منذ القرن السادس عشر، والجنوب الأميركي أواخر التاسع عشر وأوائل العشرين. ولكن الانطباع ليس دقيقا ولا هو ينطبق على بلدان «سعيدة» مثل سويسرا، أو دول اسكندنافيا.

وأحب أن أشير إلى أن دراسة صدرت قبل يومين تقلب مفهوم الحريَّة في بلاد الشمال. الكثير منها يضر أبناءكم ويعود عليهم لاحقا بالبؤس. عناية الأهل ورعايتهم وحمايتهم أمر ضروري جدا. والرعاية لا تعني الضرب بالعصا أو الحرمان أو القهر. لا للأولاد ولا لأمهاتهم. خلال شهرين، أقدم زوجان لبنانيان على ضرب زوجتيهما حتى الموت. أحدهما ضربها موتا وقتلا أمام أمها وشقيقتها. هل الجريمة الزوجية قديمة في لبنان؟ ربما. لكنها نادرة جدا. وأبدا، إطلاقا، لم تكن في هذا العنف المريض الذي لا شك أن سببه مناخ القتل والانتحار والتوحش العربي على شاشات الأخبار اليومية.

الجريمة - على أنواعها - صفر في النمسا. أكثر قليلا في اسكندنافيا. و«العنف الأسري» لم يعد بحاجة إلى قانون يمنعه إلا في بلداننا. ضربها حتى الموت أمام أمها وشقيقتها، ومنع الإسعاف من التدخل عند سماع استغاثاتها. كان يريد إزاحتها من طريق زواجه الثالث.

(الشرق الأوسط)

الأكثر قراءة

No stories found.


logo
إرم نيوز
www.eremnews.com