الاتفاق الخليجي مع إيران هل هو مخرجها من الحصار؟
الاتفاق الخليجي مع إيران هل هو مخرجها من الحصار؟الاتفاق الخليجي مع إيران هل هو مخرجها من الحصار؟

الاتفاق الخليجي مع إيران هل هو مخرجها من الحصار؟

لم يعد الحصار الاقتصادي هو العامل الوحيد الذي قد يجبر إيران على الجلوس مع جيرانها، أو حتى مع من تعتبرهم أعداء لها خارج الإقليم.

فالمظاهرات التي تجري في لبنان وفي العراق، وجهود التسوية التي تقودها موسكو في سوريا، باتت من العوامل الضاغطة على طهران؛ لمراجعة سياستها في المنطقة، بما يتناسب مع تراجع دورها، أو انكشافه أمام من كانت تعتبرهم حلفاء لها، ويعتبرهم خصومها طابورًا خامسًا لها.

إيران التي وجدت في الاتفاق النووي الذي وقعته مع الولايات المتحدة والدول الأوروبية، قبل أكثر من ثلاث سنوات، ما يطلق يدها في الملفات الأخرى، وخاصة ملفات الصواريخ، والتدخل في الشؤون الداخلية لدول المنطقة، تدرك الآن أن التطورات الجارية في لبنان والعراق هي إنذار جدي لها، ودليل مؤكد على تراجع مكانتها في الإقليم، وأن هذه التطورات تضيف بُعدًا وعمقًا لقرار انسحاب الإدارة الأمريكية من الاتفاق النووي، وأنها تعيد إيران إلى نقطة الصفر في تعاملها مع مشكلاتها وعلاقاتها الدولية.

كذلك لم يعد بإمكان إيران الآن تجاهل دول المنطقة، والاستعلاء على مصالح هذه الدول، والتقليل من هواجسها الأمنية- كما اعتادت أن تفعل– في كل مرة كانت تلجأ إلى محاولة ترميم علاقاتها الدولية، أو الخروج من أزمة الحصار الخانق الذي تتعرض له. فقد تطورت القواسم المشتركة بشأن الملف النووي بين الدول الخليجية، والدول المعنية بالملف النووي الإيراني، لتصبح بعد انسحاب واشنطن من الاتفاق مفتاحًا من مفاتيح حل أزمة إيران مع المجتمع الدولي، وخشبة الخلاص لخروجها من أزماتها الداخلية الخانقة.

وقد كان هذا واضحًا طوال الفترة الماضية، إذ إن جهود إيران مع الدول الغربية فشلت في تغيير الموقف الأمريكي الرافض للعودة للاتفاق دون إدخال تعديلات أساسية عليه، أو وضع شروط مكملة تضمن تحقيق الأهداف التي أرادها المجتمع الدولي من ذلك الاتفاق، وأبرزها لجم طموحات وأطماع إيران الإقليمية، ومنعها من تطوير منظومة الصواريخ بعيدة المدى، وفرض رقابة عليها في هذا الشأن.

وفي موازاة ذلك، فإن إيران باتت تشعر بالحاجة للخروج من حالة الإنكار التي كانت تجعلها تتصرف خلال الفترة الماضية كما لو أن علاقاتها بالخليج وعلاقاتها بواشنطن ملفان منفصلان، فكانت تحاول فك ارتباط أزماتها في الإقليم بأزماتها مع الإدارة الأمريكية.

لكن يبدو أنها أدركت أخيرًا أنها لا تستطيع الخروج من حالة الحصار الخانق الذي تعيشه حاليًا إلا باتفاق من بُعدين: دولي وإقليمي، والإقرار بالترابط العضوي بين أزمة الاتفاق النووي وبين علاقاتها بدول الإقليم.

ويبدو أن هناك من التقط هذا الخيط ، لتبدأ جملة من الوساطات والمساعي التي استهدفت احتواء حالة التوتر التي عاشتها المنطقة في الفترة الماضية، على أمل أن تنتهي هذه المساعي باتفاق إقليمي يفتح الباب أمام توافق دولي جديد ومقبول بشأن البرنامج النووي الإيراني.

هذه هي العلاقة المنطقية التي يمكن من خلالها تقييم أو فهم ما يتواتر من حديث عن وساطات بين طهران ودول الخليج، وعن تفاهمات محتملة تفتح باب الحوار الآخر حول الموضوع النووي.

وفرص الوصول إلى اتفاق إقليمي، رغم ما تمر به المنطقة من توترات، تبدو ممكنة، فدول الخليج التي استُبعدت من المفاوضات النووية مع إيران في المرة الماضية تجد فرصة الآن لوضع هواجسها الأمنية ومخاوفها على طاولة أي بحث لإبرام اتفاق جديد.

وتجد هذه الدول في اشتراط واشنطن أن تكون التدخلات الإيرانية في الإقليم وبرنامجها الصاروخي جزءًا من أي مفاوضات جديدة مع طهران، دعمًا مهمًا للمطالب الخليجية المزمنة في أن تتخلى إيران عن مطامعها وتدخلاتها التي تعكر أمن واستقرار المنطقة.

في المقابل، فإن إيران باتت أكثر إدراكًا بأنها لا تستطيع الخروج من عنق زجاجة الحصار إلا إذا قدمت تنازلات وتطمينات جدية وضمانات أمنية  لجيرانها، وتخلت فعليًا عن طموحاتها في الهيمنة والتمدد .

في ضوء هذه المعطيات، يبدو أن اتفاق دول الخليج مع إيران يأخذ شكل حاجة مشتركة، وضرورة ملحة للطرفين، وكل ما ينقص ذلك، ليتحول إلى مبادرات فعلية، وخطوات عملية، إستعادة الثقة التي غابت عن علاقات الجانبين طويلًا؛ بسبب طموحات إيران المستمرة في أن تلعب دورًا إقليميًا يتجاوز على مصالح الآخرين، ويهدد استقرارهم.

هذا المقال يعبر عن رأي الكاتب ولا يعكس بالضرورة وجهة نظر شبكة إرم نيوز

الأكثر قراءة

No stories found.


logo
إرم نيوز
www.eremnews.com