خناجر
خناجرخناجر

خناجر

سمير عطا الله


إذا كان المقصود بـ«لغة الجسد» الرسائل التي يبعث بها الإنسان، قصدا أو عفوا، فهذا صحيح. سرعة الغضب وطيب السريرة، وسرعة الصفح وأفعوانية الخبث، والقدرة على التمثيل، كلها رسائل تبعث بها الوجوه، وليس الجسد.


بعض الزعماء العرب طوَّروا ذلك إلى لغة الجسد حقا. الأكثر بلاغة كان خنجر الزعيم الحوثي: آسفون، ليس لدينا لكم عرض آخر. تفضلوا، هذه أحجامنا وأحجام خناجرنا. من عادة الرؤساء في العالم أن تُلتقط لهم الصور وهم يدشنون مشروع سد جديد، أو مستشفى جديدا، أو جامعة أو مدرسة. هناك من الرؤساء العرب من يتعمَّدون أن تُلتقط لهم الصور ومن حولهم حراس مخيفو الهيئة، مفترسو السمات.
يفترض في العادة، أن يُطمئن الزعيم مواطنيه، ولو اضطر إلى «فوتوشوب»، فأين عثر الزعيم الحوثي على خنجر بهذا الحجم؟ صورة معبّرة حقا، تكاد تكون مرسومة بموجب تعليمات لجنة التعبئة في الحركة: نسخة منها إلى الشعب اليمني، ونسخة مصدَّقة إلى الملهم الإيراني، ونسخ مرفقة بالهوامش إلى دول مجلس التعاون، ونسخة بأحرف مذهبة إلى وكالة الطاقة النووية في فيينا.


للصور لغة خاصة. وتلك الفائقة التعبير تُنشر تحت عنوان «بلا تعليق». ولها جوائز عالمية مثل الآداب والفنون. وأحب أن ألفت أنظار اللجان الدولية إلى صورة الرجل الحوثي مدججا بحجمه الرياضي (مثل مصارعي السومو في اليابان)، وبخنجره مالئا مقعدا لثلاثة أو أربعة من الأحجام اليمنية المتوسطة، المائلة دوما إلى النحول.


تحرص الأنظمة على بث صور الرعب. ما من وعد آخر. المشاريع صعبة، والخير مكلف، والتطور مُتعب. الإنتاج الأكثر سهولة وضمانة هو الرعب. وقد اقتنعت دولة «داعش» بجدوى التجربة، فلم تكلف نفسها شيئا آخر. بدأت بقطع رؤوس الأجانب وانتهت بإحراق شاب عربي في السابعة والعشرين. سوف تحتار لجان الجوائز: خنجر الرجل الحوثي أم خناجر «داعش».

الأكثر قراءة

No stories found.


logo
إرم نيوز
www.eremnews.com