الباقورة والغمر.. عندما يَتم «كَنْس» الاحتلال
الباقورة والغمر.. عندما يَتم «كَنْس» الاحتلالالباقورة والغمر.. عندما يَتم «كَنْس» الاحتلال

الباقورة والغمر.. عندما يَتم «كَنْس» الاحتلال

محمد خروب

كان مهماً متابعة ما تحدثت عنه وكتبته واهتمت به وسائل إعلام العدو الصهيوني عن مسألة أراضي الباقورة (ما يُسميها الصهاينة تزويراً نهارايم أو واحة السلام) وتلك الأراضي الأردنية المحتلة جنوباً في منطقة الغمر التي أطلق عليها المحتلون اسم «تسوفار»، كي يكتشف المُتابِع العقلِية الإحلالية الكولونيالية التي هم عليها هؤلاء العنصريون، وليكون على قناعة بأن صراعنا مع هؤلاء الغزاة عميق ومُتجذِّر تُلخِّص قرناً من الصراع عبارة مُختصرَة تقول: «نحن أو هم»، ولا مجال لأيّ تفسير آخر أو قراءة مُقنّعة ومُتحايِلة, بل متواطئة حدود الخيانة والإستقالة من العروبة، وبخاصة إذا ما اختبأت خلف شعارات مُضلّلة ودعوات إلى حرف الصراع الوجودي مع الصهيونية، عبر اختلاق عدو و/أو أعداء غير إسرائيل ومشروعها الصهيوني, الذي تتواضع أمامه كل عداوات أو خلافات مع أي غير عربي وبخاصة عند استحضار هؤلاء لإيران، بهدف الطمس أو تتفيه العداء مع الصهيونية واعتباره ثانوياً وعابراً، على قاعدة الأفكار الإنهزامية التي يُروّجون لها وهي أن «إسرائيل باتت حقيقة واقعة، لا قُدرة لنا على هزيمتها»، رغم كل المؤشرات بل والحقائق الميدانية التي أكدت قابليتها للانهزام والاندحار إذا ما واجهَت تصميماً وشجاعة، وخصوصاً قراراً بعدم الاستسلام وتقديم منطق الصمود والمقاومة على منطق التسويات والخضوع للإبتزاز.

يعترف الصهاينة بأنّ لا أهمية إستراتيجيّة أو عسكريّة لمنطقتي الباقورة والغمر في قاموسهم الحربي، إلاّ أن لهما–كما لغيرهما من الأراضي الفلسطينية والعربيّة المجاورة لفلسطين التاريخية–أهمية قصوى في مشروعهم التوسعي الإحلالي, ولهذا بذلوا ما وَسِعهُم للضغط على الأردن واستخدموا سياسية ودبلوماسية عبر المحيطات لتمديد «المُلَحقيْن»، بل وجد بعض ساستهم وكُتابهِم ذريعة في عدم قبول الأردن القاطع إستمرار العمل بالملحقين، اتكاء على فتور العلاقات وعنجهية نتنياهو وغطرسته في التعاطي بملف العلاقات الإسرائيلية الأردنية، وغيرها من الأسباب المفتعلة التي يُراد منها التغطية على حقيقة أن الأردن ضاق ذرعاً بإحتلال أراضيه بعد التزام توقيعه مُصمِّما استرداد أرضه بعد ربع قرن من «تأجير» ظالِم فرضته ظروف ومعطيات، آن لها أن تنتهي وأن تذهب ذرائعها إلى مزبلة التاريخ.

وإذا كان بيننا من لا يزال يُجادل في تجاوُز بنحاس روتنبرغ «حق» إمتياز مشروع توليد الكهرباء, الذي منحته إياه سلطات الانتداب البريطاني و بيعِه ما تبقى من الستة آلاف دونم إلى مستوطنين يهود, بعد إقامة منشآت شركته على بعضها، فإن الوقت قد حان لأن يُدرِك الجميع أن الصهاينة لا يقيمون وزناً للإتفاقات والعهود ولا يلتزمون شيئاً منها، ما خَلا كل ما يخدِم مصالِحهم ويراكِم أرباحهم ويعمِّق مشروعهم الإستيطاني الإحلالي يستوي في ذلك عندهم...الصديق والعدو.

تعود أراضي الباقورة والغمر إلى السيادة الوطنية رغماً عن الاحتلال، وسجّلنا لأنفسنا.. قيادة وشعباً وفعاليات سياسية وحِزبية، مُعارَضة ومُوالاة إنجازاً يجب أن لا يُستهان به، وضرورة الاحتفاظ بدروسه وأبعاده, وحقيقة أن الموالاة والمعارَضة في الشؤون الوطنية الخالِصة، البعيدة عن أيّ مَصلحة شخصية أو فئوية أو حزبية أو مَناطِقية، هي الطريق الأقصَر والأسلَم لتتحقيق الإنجازات وتوحيد الصفوف والإرادة الوطنية الجامِعة.

الرأي

هذا المقال يعبر عن رأي الكاتب ولا يعكس بالضرورة وجهة نظر شبكة إرم نيوز

الأكثر قراءة

No stories found.


logo
إرم نيوز
www.eremnews.com