المهمة الصعبة في الدفاع عن الإسلام
المهمة الصعبة في الدفاع عن الإسلامالمهمة الصعبة في الدفاع عن الإسلام

المهمة الصعبة في الدفاع عن الإسلام

حسان حيدر


ويبرع «الداعشيون» في استغلال هذا التقدم التقني. ولأنهم يدركون أن الصورة أقوى وأسرع تأثيراً من الكلمة، وأسبق منها إلى عيون المتلقين وعقولهم، يستخدمون الأشرطة المصورة لعرض جريمتهم على العالم، بهدف ترويعه وإرهابه، وترسيخ عدائه لكل ما يمت إلى الإسلام بصلة من دون تدقيق أو تمييز في هوية المرتكب وأهدافه، فتعميق الشرخ بين الأديان والمجتمعات هو ما يصبون إليه في النهاية، وليست لديهم وسيلة أفضل من الوحشية القصوى المعممة.


وفي المقابل، تقف الدول الإسلامية المنشغلة بمبارزاتها المذهبية المفتعلة في معظمها، عاجزة عن مواجهة المد «الداعشي»، أو حتى عن الاتفاق فعلياً على ذلك، فالتنظيمات المتطرفة آخذة في التوسع والتشعب على رغم «الانتصارات» المتفرقة التي تشكلها الحملات الأمنية المستمرة، وغارات التحالف الدولي، واسترجاع كوباني وبعض أجزاء العراق، وقتل بعض قياديي التنظيم، ذلك أن خطر التشدد لا يكمن في الأجساد، بل في العقول، ويحتاج إلى مقاومة ومقاربة من نوع خاص، تبدأ بالمناهج المدرسية وتنتهي بحملات اجتماعية وإعلامية واسعة وذكية، تتوجه إلى المواطن في الداخل أولاً، ثم الى الرأي العام في الخارج، لأن ردود الفعل المذعورة في الغرب تقنع المزيد من الشبان المسلمين بأن معركة التطرف «محقة».


ويجب الاعتراف بشجاعة بأن حملات التوعية من خطر التشدد، على رغم ما يبذل فيها من جهد وما يخصص لها من إمكانات، عجزت حتى الآن عن تحقيق هدفها، لأنها لم تعرف كيف تخاطب الشبان وتقنعهم بالبدائل، نتيجة الهوة الفكرية الواسعة بين الأجيال، ولأن تكليف شيوخ الدين ومسؤولي الأمن بها يجعلهم يبدون وكأنهم يدافعون عن «وظائفهم»، بينما المجتمع المدني المسلم والمسالم هو ما يفترض أن يشكل البديل من التطرف، وأن توكل إليه مهمة الدفاع عن نفسه وابتكار أساليب هذه المواجهة ووسائلها.


ولعل الهدف الأول الذي يفترض التركيز عليه، إقناع المسلمين بأن دينهم لا يحتضر، مثلما يعتقد المتطرفون الذين يطرحون أنفسهم «خط الدفاع الأخير» عنه، وإثبات أن الإسلام قادر على استيعاب وهضم هذا التطور الهائل المستجد في المجالات كافة، من دون أن يفقد خاصيته الدينية والثقافية والإنسانية ودوره في المجتمع، وأنه من القوة بحيث يمكنه التعامل مع العوالم الخارجية بكل ثقة واقتدار، ولعل ذلك يبدأ بتغيير طريقة التعاطي مع الأقليات في العالم العربي، دينية كانت أو إتنية، وجعل حقوقها في صميم القوانين وليس منّة تنتظر «فتوى» من هنا أو هناك.

الأكثر قراءة

No stories found.


logo
إرم نيوز
www.eremnews.com