الديمقراطية بالعربي الفصيح
الديمقراطية بالعربي الفصيحالديمقراطية بالعربي الفصيح

الديمقراطية بالعربي الفصيح

خيري منصور


ومعظم ما يكتب باللغة العربية عن هذا الحجر الكريم يراوح بين التمني والترجمة، لأن الجود كما قال اجدادنا من الموجود والبيض لا يُقلى في الهواء، ولكيلا نتورط في تداعيات معرفية حول الديمقراطية سأروي حكاية قرأتها عن قائد عربي قديم انتصر في معركة، وحصل على العديد من السبايا والغنائم، ثم طلب من رجل وصف بالنزاهة ان يقسِّم الغنائم والسبايا بين المنتصرين، ويبدو ان هذا الرجل كان بالفعل حسن النيّة، فاختار اجمل الصبايا من السبايا لقائده ثم اخذ يوزع الباقي على المحاربين، وقبل ان يكمل المهمة تلقى لكمة عنيفة من سيده وكان يضع في أحد اصابعه خاتما معدنيا ما أغرق فمَّ السكين بالدم، فأعاد على الفور تقسيم الغنائم وكانت على النحو التالي : هذه لسيدي في الصباح، وهذه له في الضحى وتلك له في الظهيرة والرابعة له في المساء، وقسَّم المساء الى فترات، بحيث من كانت حصة السيد كل الذي تبقى لكن في الهزيع الأخير من الليل!


عندئذ سأل القائد المنتصر الرجل النزيه والذي افقدته الكلمة القاسية نزاهته.. من أين تعلمت هذا العدل ؟

فأجاب من قبضتك يا سيدي !


هذه عينة من عدالة وديمقراطية قائد لولا الرجال الذين يحيطون به ويطيعونه لما انتصر، وقد تجلّت هذه الحكاية في عصرنا وعرفنا ديمقراطيين يوزعون كل شيء بينهم وبين انفسهم بالتساوي، فالعدل بالنسبة اليهم هو ألا يزيد ما يضعونه في الجيب الأيمن عما يضعونه في الجيب الأيسر، لأنهم أدركوا بالتجربة وليس بالفطنة أن اليمين واليسار بالنسبة اليهم جيبان أو فردتا حذاء !


وإذا صح أن معرفة السبب تبطل العجب، فلماذا كل علامات التعجب هذه والتي نرسمها على وجوهنا ؟


إن من لم يقرأ التاريخ او قرأه في كتب داجنة ولمؤرخين مأجورين هو الذي يتعجب مما يرى فالقصة قديمة، وتفاصيلها تدمي القلب وكل ما يحدث الآن مسبوق بإضعافه ومن لا يصدق عليه أن يسأل الشيخ والقسيس والحاخام عن الأتاوات التي دفعوها لحاكم أسرج كلبا وسألهم عما يرون فأجمعوا على أن المسرح كلب وليس حصانا !

الأكثر قراءة

No stories found.


logo
إرم نيوز
www.eremnews.com