ضوء أخضر أمريكي.. لـ«غزوٍ تركي جديد» لسوريا (1-2)
ضوء أخضر أمريكي.. لـ«غزوٍ تركي جديد» لسوريا (1-2)ضوء أخضر أمريكي.. لـ«غزوٍ تركي جديد» لسوريا (1-2)

ضوء أخضر أمريكي.. لـ«غزوٍ تركي جديد» لسوريا (1-2)

محمد خروب

مرّة أخرى - لا أخيرة - تُدير واشنطن ظهرّها لحلفائها (اقرأ أَدواتها) وهم هذه المرة كُرد سوريا, الذين وضعوا كُل بيضهم في السلّة الأميركيّة, وظنّوا لفرط سذاجتهِم وجَهلهم العميق بتاريخ قوميتهم الكردية منذ أكثر من قرن, عندما خذلهم المُستعمِرون بعد أن وظّفوهم لخدمة مشروعات الهيمنة الخبيثة, ثم رموهم كخِرقة بالية عند أول منعطف. وبخاصة عند عقد الصفقات والتسويات, وما حدث في 24 أيلول 2017 في كردستان العراق ليس سوى نموذج طازج على ما يمكن لزعيمة الإمبريالية العالمية أن تقارِفه, عندما تتعرّض مصالحها للخَطر أو تعقِد مُقارنة بين عدم التفريط بحليف أطلسي مثل اردوغان رغم أنه مُتعب بالنسبة إليها, وبين مجموعات مُتمرِّدة على سلطتها الوطنية,ثم قامت بتسليحها ورعايتها خدمة لمخططها الذي لم تتخلّ عنه وهو تقسيم سوريا وإراحة إسرائيل.

لنُدقّق في نصّ البيان الأميركي الذي صدَر فجر يوم أمس (بتوقيت منطقتنا), ونُمعن النظر في معاني المُفردات والمُصطلحات المراوِغة التي حفل بها بيان مُضلّل كهذا, وبخاصة ما انطوى عليه من مُغالطات وقلب للحقائق وتنكّر لتعهدات ووعود بذلها المُستعمِرون الأميركيون لعملائهم في قوات «قسد», الذين باتوا الآن أمام ساعة الحقيقة، إذ تقلّصت هوامش مناوراتهم وانعدمت قدرتهم على بَثّ مزيد من النداءات الكاذبة لدمشق لنجدتهم, وما مثال «واقِعة عفرين» سوى الدليل على فقدان هؤلاء صِدقيتهم وغياب رغبتهم في العودة إلى حضن وطنهم, والانخراط في ورشة إعمار سوريا وبناء حياة سياسية جديدة تنهض على التعدّدية واحترام حقوق الإنسان والمواطَنة، ورفض جاد لمحاولات فدرلتها أو تقسيمها على أُسس طائفية ومذهبية وعِرقِية.

يقول البيان الأميركي المُضلّل والمراوِغ: إن واشنطن لن تدعَم العملية التركية المرتقَبة شمال سوريا ولن تُشارِك فيها. وإذ يعلم الجميع أن مُشاركة أميركية في غزو تركي «ثالث» (بعد غزوتَيْ درع الفرات وغصن الزيتون) غير مطلوبة, بل «مُجرّد» حماية لأدواتهم وعملائهم في «قسد» وللمرء إن امتلك الذاكرة أن يستعيد تصريحاً أميركيّاً بدا مُنفعلاً وجاداً (..)عندما توعّد أحد جنرالات البنتاغون بـ«التصدّي» للقوات التركية إن حاولت العبور الى شرق الفرات, وان واشنطن ستدافع عن الكُرد الذين شاركوهم «مُحاربة» داعش، ثم رأينا نكوصاً أميركياً عندما أمرَ الأميركيون «قسد» إخلاء المنطقة التي سَيُسَيِّر المُستعمِران التركي والأميركي دورياتهما فيها (بعمق خمسة كيلومترات) فرضخ الكُرد. لكنهم الآن على قلق.

هو إذاً ضوء أخضر أميركي للحليف الأطلسي, الذي لن يجِد أحداً يمنعه من اجتياح شمال سوريا واقامة منطقته الآمنة المزعومة وبالعمق الذي يريد, ما دامت واشنطن برّرت له غزوته عندما قالت في بيانها المصاغ بلغة استعمارِية منافِقة «أنقرة خطَّطت لهذه العملية طويلاً». ما يعني ضمن أمور أُخرى أن إدارة بطل «أُوكرانيا غيت» لا تريد لِـ«إغضاب» حليفها الأطلسي أردوغان, ما دام الذي دفعَ وسيدفع الثمن هو سوريا وشعبها ووحدة أراضيها, وسيؤسس مُجدداً لإحياء مُخطَّط تقسيم سوريا.

.. للحديث صلة.

الرأي

هذا المقال يعبر عن رأي الكاتب ولا يعكس بالضرورة وجهة نظر شبكة إرم نيوز

Related Stories

No stories found.
logo
إرم نيوز
www.eremnews.com