مصارحة مع الرئيس!
مصارحة مع الرئيس!مصارحة مع الرئيس!

مصارحة مع الرئيس!

سليمان جودة

عندما كتب الرئيس على صفحته الخاصة على «فيسبوك»، أمس الأول، أنه يتابع بنفسه موضوع حذف بعض المواطنين من بطاقات التموين، وأن على كل مستحق أن يطمئن، فإنه فيما بدا لى كان يؤسس لبداية مرحلة من التعامل المختلف مع آحاد المصريين، وكان يرغب فى وضع نهاية لأسبوع عصيب عشناه!.

وأريد أن أصارح الرئيس بأن البلد طوال الأسبوع، الذى قضاه فى نيويورك، كان يقف على أطراف أصابعه بالمعنى الحرفى للعبارة، وكان ذلك لثلاثة أسباب، أما أولها فهو ما حدث الجمعة قبل الماضى.. فلقد كانت خطورته فى رمزيته أكثر من أى شىء آخر، وقد استبد القلق بالناس، لأنهم كانوا قد ودعوا هذه الأجواء، فإذا بها تطل عليهم فجأة دون استئذان!.

والسبب الثانى أن ما حدث قد حدث، بينما الرئيس فى طريقه إلى الولايات المتحدة لحضور الاجتماعات السنوية للأمم المتحدة !!.. ورغم أنها مناسبة سنوية لا تتخلف عن موعدها فى سبتمبر من كل سنة، ورغم أن الرئيس حضرها بانتظام من قبل، ورغم أن موعد سفره محدد سلفاً، إلا أن الذين يجيدون الصيد فى الماء العكر قد نشطوا كما لم ينشطوا من قبل، وأشاعوا حول الزيارة ما لا علاقة له بالحقيقة فى شىء!.

والسبب الثالث، أن الملايين من آحاد المصريين وجدوا أنفسهم- والحال هكذا- فى انتظار عودة الرئيس سريعاً، لأن الذين يتربصون، ويتآمرون، ويطلقون الشائعات والفيديوهات لم يكونوا ينتظرون، وكانوا على مدى الأسبوع يعبئون فى الشارع، وينفخون فى الحبَّة لتحويلها إلى قُبة.. وكانوا لا يتعبون!. لهذه الأسباب الثلاثة وقف البلد على أطراف أصابعه، وتهامس المصريون فى كل مكان، وتمنوا لو عاد الرئيس فى لحظة.. ولست أبالغ فى شىء إذا قلت إنى سمعت من مواطنين كثيرين التقيتهم مصادفة فى عرض الشارع، أنهم تمنوا عودته فى نفس يوم السفر!. ولماذا لا يتمنون ويبالغون فى أمنياتهم، وقد أحسوا فجأة بأن الأجواء التى عانوا منها كثيراً تتجمع غماماتها فى الأفق من بعيد؟!. كانت التمنيات بعودته سالماً تريد أن تكون العودة فى حد ذاتها رداً على الشائعات المسمومة التى أحاطت بالزيارة منذ ساعاتها الأولى.. ثم كانت تريد أن تكون العودة بداية لأداء مغاير فى الدولة على كل المستويات.. أداء يكون هو الرد العملى على الذين نشطوا فجأة.. أداء على مستوى الحكومة والمحافظين.. أداء سياسى فى مستويات الدولة العليا.. أداء إعلامى يتوقف عن الصراخ ويستند إلى العقل.. أداء إعلامى لا يستفز الناس ولا يُخرجهم عن شعورهم.. أداء عام يقول إن فى البلد عقولاً تفكر، وتخطط، وتدرس، وتتحسب لكل شىء.. أداء ينطق بأن مصر ليست البلد الذى يهتز أمام فيديو يطلقه مقاول.. ولا ألف مقاول!. ولا بديل عن أن تكون عبارات الرئيس الممتلئة بالمعانى على صفحته بداية، لها ما بعدها الكثير من ذات النوع، وعلى الدرجة نفسها من اليقظة الرئاسية!.

المصري اليوم

هذا المقال يعبر عن رأي الكاتب ولا يعكس بالضرورة وجهة نظر شبكة إرم نيوز

الأكثر قراءة

No stories found.


logo
إرم نيوز
www.eremnews.com