كوباني انتصرت!
كوباني انتصرت!كوباني انتصرت!

كوباني انتصرت!

تعود مدينة كوباني الكردية السورية، مرة أخرى، إلى واجهة الأحداث، متصدرة نشرات الأخبار. لكن هذه المرة تأتي أخبار المدينة حاملة بعض الفرح في ليل سورية الطويل.


العناوين تقول إن كوباني أو عين العرب انتصرت، بعد أكثر من أربعة أشهر من المعارك التي خاضتها وحدات حماية الشعب الكردية السورية، والتي تلقت مساندة من أشقائهم البيشمركة في كردستان العراق، فضلاً عن ضربات للتحالف استهدفت مواقع لتنظيم داعش الإرهابي في محيط المدينة.


حصيلة المعارك بدت كارثية، فكاميرات الفضائيات التي دخلت المدينة لم تجد سوى ركام لبيوت مدمرة، وشوارع خالية إلا من أحلام سكانها الذين غادروا على عجل. كل شيء يوحي أن زلزالاً مر من هنا، ولعل هذا الوصف يتناسب مع ما يقوم به همج العصر الذين لا يتركون خلفهم أي شيء، باستثناء وصمة عار تشير إلى وحشيتهم. هذه الوحشية، بالضبط، هي التي وضعت معركة كوباني ضمن سياق مختلف ركزت عليه الفضائيات، وأعطته بعداً رمزياً، إذ تحولت المعركة إلى مواجهة بين فئة مسالمة تعشق الشمس والحياة والجمال، وبين عصابات تتلفع بالرايات السود، وتجهر بعدائها لكل ما يمت إلى بهجة الحياة بصلة.


وهذا الفرز الواضح بين من يتطلع للخير وبين من يكرس الشرور، هو الذي رجح كفة المقاتلين الأكراد الذين دافعوا عن قضية آمنوا بها، واستبسلوا في الدفاع عن قيم الحق والعدل، بينما جاء الآخرون كغزاة ولصوص كي يستبيحوا مدينة مسالمة، لم يرد اسمها في قواميس الفضائيات إلا بوصفها رمزاً للنور في وجه الظلام.


لم تنشغل الفضائيات كثيراً بالتحليلات العسكرية، ولم تشأ أن تستعيد ما ذكرته مراراً لدى بدء المعارك، بل أولت اهتماماً بدلالات هذا الانتصار، وراحت تترصد الفرح الكردي من مختلف العواصم، وسعت إلى معرفة مغزاه ضمن المشهد السوري المضطرب.


ووسط هذه الأجواء التي اتسمت بالفرح، بدا العنصر الناقص، ذلك أن الأزمة السورية المتفاقمة لا تتيح أي مجال لمثل هذا الترف، فضلاً عن أن المدينة، التي تحررت للتو، غدت كتلاًَ إسمنتية طحنت الكثير من الذكريات، ولم تعد تتسع للهفة العائدين. ولعل ما سجلته كوباني هو أن الإيمان بعدالة قضية ما هو الذي يقود إلى تحقيق الأمنيات، فهل هناك من يؤمن بضرورة وضع حد لمأساة السوريين، وحقهم في العيش بحرية وكرامة؟


أما في ما يخص تسمية المدينة التي تأرجحت بين كوباني أو عين العرب، فإن السجال قد خفت أمام محنة المدينة وهجرة غالبية سكانها نحو تركيا، وحسمت يوميات المعركة هذا الجدل العقيم، وهو ما أشار إليه الكاتب السوري نبيل الملحم إذ كتب على صفحته في «فايسبوك»: «حتى لو كان اسمها «عين العرب»، من حقها أن تغدو «كوباني»، اسمك تصنعه بدمك. الكوبانيون دفعوا دماً فنالوا اسمها».

الأكثر قراءة

No stories found.


logo
إرم نيوز
www.eremnews.com