ماذا بعد ضرب المنشآت النفطية السعودية؟
ماذا بعد ضرب المنشآت النفطية السعودية؟ماذا بعد ضرب المنشآت النفطية السعودية؟

ماذا بعد ضرب المنشآت النفطية السعودية؟

أظهرت ارتدادات الهجوم الذي تعرضت له المنشآت النفطية السعودية، أن نفط الخليج عمومًا والسعودية خصوصًا، لا يزال صمام الأمان للاقتصاد العالمي، وأن التصريحات التي أدلى بها الرئيس الأمريكي، قبل عدة أسابيع حول عدم حاجة الولايات المتحدة للنفط، لم تكن في محلها، وهي إما خاطِئة وتنم عن سوء تقدير، أو مغرضة هدفها ابتزاز الدول المصدرة، وإلزامها بمعايير التجارة الضيقة، عند التعاطي مع القضايا التي تتصل بمصالحها وأمنها.

منطق التجارة، الذي حاول الرئيس ترامب تسويقه وهو يتحدّث عن التهديدات التي تعرضت لها الملاحة في الخليج، لا ينطبق على أوضاع السوق النفطية وما يحدث فيها من متغيرات، سواء على صعيد استقرار الإمدادات، أو على صعيد مستويات الأسعار.

 فما يجري في هذه السوق، له آثار واضحة على مناحي الاقتصاد العالمي كافة، وخاصة الاقتصاد الأمريكي، الذي سيكون أكبر المتأثرين، وأكثر المتضررين، حتى لو استغنت الولايات المتحدة كليًّا عن واردات النفط الخارجية.

  فتأثير أوضاع السوق النفطية على الاقتصاد الأمريكي لا يرتبط بشكل مباشر، بحجم الواردات النفطية الأمريكية من الخارج، بل في مدى تأثير ذلك على الأسواق المالية والتجارية العالمية، التي تلعب الولايات المتحدة دورًا محوريًّا، ومسيطرًا فيها.

ولذلك فإن قول الرئيس ترامب - قبل زهاء الشهر-  إن الولايات المتحدة تحرس صادرات النفط  الخليجية ودون مقابل لدول مستوردة كالصين واليابان، أو لدول مصدرة كالسعودية والإمارات، فيه مغالطة كبيرة، إن لم يكن يحمل في طيّاته شكلًا من أشكال الابتزاز.

فالولايات المتحدة، حتى وهي لا تستورد سوى 10 % من نفط الخليج، لا تستطيع أن تدّعي أن هذه النسبة الضئيلة هي التي تحدد علاقتها بسوق النفط، وترسم حدود دورها، ونطاق مسؤوليتها في حماية استقرار السوق، وضمان أمن الناقلات النفطية.

 فالمردود المالي والتجاري الذي يعود على الولايات المتحدة من شراكاتها الخارجية، أكبر بكثير من حجم حصتها من كعكة النفط الخليجية، فضلًا عن أن ما تدره سوق النفط من عوائد مالية لا تنعم به الدول المصدرة فقط، بل تشكل في معظمها رافعة هامة للاقتصاد العالمي عمومًا، والأمريكي خصوصًا، كما أنها تعد محركًا أساسيًّا لأسواق المال التي تسيطر الولايات المتحدة على العصب الأساس فيها.

 دول الخليج المصدرة للنفط، لا تعمل بمعزل عن الاقتصادات العالمية، وأي ضرر يلحق بها لا بد أن تكون له ارتدادات وتوابع تطال الجميع، بما فيهم الولايات المتحدة، التي لن يكون بمقدورها أن تحسب الأمر -حينذاك-  كنسب مئوية مجردة، أو من خلال الموازنة بين ما تجنيه من أرباح، أو ما يلحق بها من خسائر.

فعندما ترتفع حدة المخاطر التي تتعرّض لها المنشآت النفطية في الخليج، لا يجوز الحديث عن هذه المخاطر كما لو أنها خطر يهدد صادرات الدول المنتجة، أو احتياجات الدول المستوردة. فتشابك المصالح الاقتصادية والمالية العالمية يجعل من أي تهديد تتعرض له إمدادات النفط، بمثابة خطر يهدد الاستقرار العالمي، وينذر بعواقب وخيمة تتجاوز الإقليم.

لقد أثارت ردة الفعل الأمريكية على التهديدات التي تعرضت لها الملاحة في الخليج العربي في الشهر الماضي، الكثير من التساؤلات، حتى لا نقول الاستهجان.

 فمع أنَّ أحدًا لم يكن يرغب في تصعيد المواجهة في المنطقة، فإن التردد والتباطؤ في احتواء تلك التهديدات، أسهَمَا في إغراء بعض القوى الإقليمية لتوسيع نطاق التوتير، وإشاعة أجواء من التصعيد الخطير، الذي يضع دول المنطقة أمام اختيارات صعبة، لن تدفع هي الثمن وحدها، فيما لن يكون بمقدور الآخرين إدراك خطرها إلا بعد فوات الآوان.

هذا المقال يعبر عن رأي الكاتب ولا يعكس بالضرورة وجهة نظر شبكة إرم نيوز

الأكثر قراءة

No stories found.


logo
إرم نيوز
www.eremnews.com