صفر المونديال!
صفر المونديال!صفر المونديال!

صفر المونديال!

سليمان جودة

رحم الله الدكتور أحمد الغندور، الذى عاش يؤمن بأنه أكبر من أى منصب، وعندما رشحوه وزيرًا فى السبعينيات، جاء مَنْ يهمس فى أُذن السادات بأن هذا المرشح شيوعى، فاستبعدوه فى اللحظة الأخيرة!.. ولم يكن شيوعيًا طبعًا.. ولكنه الكيد السياسى الذى حرم البلد من مواهب كثيرة!.

كان يروى القصة بتفاصيلها لاحقًا، ولسان حاله يقول إنه أكبر من وزير وأقل من أستاذ، وكان يتأسى فى ذلك بأحمد أمين الذى لما استبعدوه من عمادة كلية آداب القاهرة أطلق عبارة صارت مثلًا من بعده.. قال: أنا أكبر من عميد.. وأقل من أستاذ!.

وقد عاش الغندور بعدها مكتفيًا بأنه وجيه وجهاء أساتذة العلوم السياسية، وحين كان عميدًا للكلية كانت الدولة تذهب بضيوفها من الساسة والرؤساء إلى هناك، ليزوروا قلعة العلوم السياسية التى كان الرجل يستقر فوق القمة فيها، ويحصلوا على الدكتوراة الفخرية من العميد العظيم.. فلم يكن فى البلد مكان بهذه الشياكة العقلية التى كانت الكلية تشتهر بها!. كنت أزوره فى مكتبه فى جاردن سيتى صباح الإثنين من كل أسبوع، وكان ذلك فى المرحلة التى تخلص فيها من مسؤولياته فى الجامعة وفى البنوك، ولم أكن أتخلف عن اللقاء الأسبوعى إلا لظرف طارئ، ولا كان هو يتخلف عن الذهاب إلا لظرف أيضًا، وعنده رأيت الدكتور محمود محيى الدين للمرة الأولى، وكان الرجل يحب محيى الدين ويتبناه، وكان يراه صاحب عقل نبيه فى الاقتصاد.. فلما أصبح الدكتور محمود نائبًا أول لرئيس البنك الدولى فى واشنطن، تذكرت ما كنت أسمع عنه من العميد!.

وأذكر أنى كنت معه فى المكتب يوم إعلان الفائز فى مسابقة تنظيم المونديال، التى جرت فى عام ٢٠١٠، والتى حصلنا فيها على صفر كبير!. ولم يشأ أن تغيب عنه خفة ظله التى اشتهر بها، فقال فى تلقائية عند سماع الخبر: صفر واحد؟!.. عيب والله!!.. طيب كنا أخدنا صفرين!.

تذكرت الرجل، وتذكرت أيامه، وتذكرت تعليقه الساخر على صفر المونديال فى اللحظة التى جاءتنى فيها رسالتان، إحداهما من الأستاذ محمود الطنب، والثانية من الأستاذ أشرف محمود.. وفى الرسالتين معنى واحد دون اتفاق مسبق بينهما.. هذا المعنى هو أننا فقدنا مونديال ٢٠١٠ لأسباب كثيرة، غير أن أحد الأسباب أن المدن التى كانت مباريات المونديال ستجرى على ملاعبها تخلو من دورات مياه عامة!.

وكنت قد كتبت فى هذا المكان قبل يومين عن الملاحظة التى استوقفت إدارة المونديال فى شوارعنا، وعن أن استدراكها سريعًا واجب لا يجوز أن نتأخر فيه، ليس من أجل السائح- وهو يستحق بالطبع- ولا من أجل أن نتحسب للدخول فى منافسة على المونديال مرةً أخرى- فهو يستحق كذلك- ولكن من أجل المواطن الذى يتقدم على السائح وعلى المونديال!.

المصري اليوم

هذا المقال يعبر عن رأي الكاتب ولا يعكس بالضرورة وجهة نظر شبكة إرم نيوز

الأكثر قراءة

No stories found.


logo
إرم نيوز
www.eremnews.com