أمام الوزير عبدالغفار!
أمام الوزير عبدالغفار!أمام الوزير عبدالغفار!

أمام الوزير عبدالغفار!

سليمان جودة

لا تكاد تصدق أن الأمر حدث هكذا فى جامعة الإسكندرية، لولا أن الدكتور سليمان عبدالمنعم، الأستاذ فى الجامعة، قد أشار إليه صراحةً، فى مقالته المنشورة فى الأهرام صباح السبت الماضى!.. المقالة كانت عن مآثر الدكتور محمد زكى أبوعامر، وزير التنمية الإدارية الأسبق، الذى كان أستاذاً للقانون فى الجامعة نفسها، والذى رحل عن دنيانا قبل عدة أيام!

ولابد أن الذين عاشوا أيام نجومية الرجل فى حياتنا السياسية، قد فاجأهم خبر رحيله، فتساءلوا عن حق: أين كان طوال السنوات التى تلت خروجه من الوزارة، ولماذا اختفى عن الأنظار تماماً، فلم يعد أحد يسمع به، ولا بأخباره، ولا يطالع صورته فى الجرائد، وقد كنا نطالعها كل يوم تقريباً؟!

لقد استيقظ الذين عرفوه فى زمانه، وتابعوا أداءه المتميز، أستاذاً، وعميداً، ووزيراً، على خبر الرحيل فى برواز من براويز صفحة الوفيات، وعرفوا ربما للمرة الأولى أنه كان متزوجاً من ابنة الشاعر مرسى جميل عزيز، صاحب أعذب الكلمات التى طربنا لها ولانزال، من عبدالحليم حافظ، وغير عبدالحليم حافظ.. وكلاهما بالمناسبة، عزيز وعبدالحليم.. كانا بلديات من الشرقية!

يكشف الدكتور عبدالمنعم، فى مقالته الجميلة، أن الوزير الراحل لما عاد من الوزارة إلى جامعته، عاملوه كما لم يتوقع، وكما لم يتحسب، وكما لم ينتظر، فاعتزل وانعزل فى بيته، لا يخرج منه إلا إلى محاضرة يلقيها على طلابه، ثم يعود إلى البيت.. إلى أن مات!

وقد كان الشىء الذى حز فى نفسه أن المعاملة التى لم يتوقعها، ولم ينتظرها، ولم يتحسب لها، جاءت من تلاميذ نشأوا على يديه، بل ومن تلاميذ التلاميذ!.. وقد حدث ذات يوم أن جاءته دعوة فى العيد الماسى للجامعة، فلما استجاب للدعوة وذهب وجلس على مقعد فى الصف الأول، حيث مكانه الطبيعى، جاءه مَنْ يطلب منه الانتقال الى مقعد فى الصف الرابع، فانصرف حزيناً مغادراً المكان كله!.. ومع هذا.. فليس هذا رغم أهميته، هو موضوع هذه السطور.. فالموضوع أن الرجل سأل الدكتور عبدالمنعم يوماً عما إذا كانوا فعلاً يقومون بإنجاح الطالب الحاصل على درجتين من عشرين؟!.. فكانت الإجابة: نعم.. وبملء الفم!

وعاد الراحل يسأل، وهو غارق فى الدهشة، عن اللائحة التى يتم ذلك وفقاً لها، فلما لم يجد إجابة مقنعة.. ولم يكن من الممكن أن يجدها أبداً.. ضحك فى أسى، وأسف، وحزن.. وأظن أن ثلاثى الأسى، والأسف، والحزن قد لازمه إلى يوم الرحيل!

السؤال الذى أتمنى على راوى الواقعة أن يجيب عنه فى مقالته الأهرامية المقبلة هو: مَنْ سمح بهذا يا دكتور عبدالمنعم فى جامعة عريقة مثل جامعتك؟!.. ومنذ متى انحدر الأمر فيها إلى هذا الحد؟!

إننى أضع الواقعة أمام الدكتور خالد عبدالغفار، فهو الرجل المسؤول عن الجامعات فى البلد، وأتوقع أن يتعامل معها بما يرضاه ضميره!

المصري اليوم

هذا المقال يعبر عن رأي الكاتب ولا يعكس بالضرورة وجهة نظر شبكة إرم نيوز

الأكثر قراءة

No stories found.


logo
إرم نيوز
www.eremnews.com