آه.. شكرا أنك تذكرتني
آه.. شكرا أنك تذكرتنيآه.. شكرا أنك تذكرتني

آه.. شكرا أنك تذكرتني

أكرر القول، دائما لنفسي، وأحيانا لجنابكم، بأن التواضع من أجمل فضائل الإنسان. الغرور انتحار. أحيانا فردي، وأحيانا يحوله المغرور إلى قتل جماعي أيضا. لكن النهاية واحدة. لماذا؟ لأن الغرور عمى بلا بصيرة - لا بلا بصر. والسقوط، نهاية حتميّة. إذا كنت تعرف نهاية مختلفة، أرجوك أرشدني.



أبرز شيء في التواضع صفته الجمالية. هيرودوتس، أبو المؤرخين، ملأ مؤلفه بالحكايات - «الحواديت» يسميها المصريون. ومنه تعلّم الخطباء في الغرب. كلما شعرت بأن السامع يكاد يسهو بسبب رتابة الخطاب، لاحقه بحدّوتة مضحكة، أو مثيرة، وسوف يستيقظ. سمعت أخيرا «حدوتتين» جميلتين، وأحب أن نتشارك.

أخبرني محام من جنوب أفريقيا بأنه في الأشهر الأولى من رئاسة نيلسون مانديلا تأخر الرجل عن العودة إلى القصر الجمهوري بسبب بعض الالتزامات، فتقرر أن يقضي الليل في أحد فنادق كيب تاون. ولما أبلغت إدارة الفندق بالأمر، طار أصحابه فرحا، وراحوا يعدّون ما استطاعوا لاستقبال الرئيس. وعندما وصل كان مدير عام الفندق في استقباله مع رهط من موظفيه. وإذ تقدم يصافح أهم رجل أفريقي وسط هذه الأبهة، قال له مانديلا شاكرا: «آه، إنني ممتن لأنك تذكرتني».

ويروي الزميل سليم نصار أن الفيلد مارشال مونتغمري، بطل معركة العلمين، قرر المرور في بيروت بطريقه إلى مصر للمشاركة في احتفالات المعركة التي كانت إحدى أشهر مبارزات الحرب العالمية الثانية بين الحلفاء والألمان. قررت الحكومة اللبنانية أن تقيم استقبالا رسميا للرجل، ففتحت له صالة الشرف في المطار، حيث وقف وزير الخارجية نسيم مجدلاني ينتظره.

وبعد قليل، جاء من يقول للوزير إن مونتغمري خرج من قاعة المسافرين العاديين، وهو يحمل حقيبة بسيطة. وهرول الوزير نحوه معترضا: «أيها المارشال، لا يليق برجل مثلك الخروج مع الناس العاديين». فأجاب مونتغمري: «يا عزيزي الوزير، هذا هو مكاني الطبيعي. فأنا اليوم مدني متقاعد عادي مثل الآلاف من أبطال الحرب».

وفي النهاية اقتنع بعقد مؤتمر صحافي عاجل. وعندما سُئل ماذا كان يتمنى، قال إنه كان يتمنى لو بقي عدوه الألماني الفيلد مارشال رومل حيا: «كنت أريد أن أطرح عليه بعض الأسئلة حول كيف كان يخطط لإلحاق الهزيمة بي. وماذا كان تقييمه لأدائي كقائد للجبهة المعادية. أما تقييمي له، فإنه كان عدوا عبقريا».

(الشرق الأوسط)

الأكثر قراءة

No stories found.


logo
إرم نيوز
www.eremnews.com