لعنة في ليبيا!
لعنة في ليبيا!لعنة في ليبيا!

لعنة في ليبيا!

سليمان جودة

أعلنت الولايات المتحدة الأمريكية، أمس الأول، أنها سحبت قواتها الموجودة في العاصمة الليبية طرابلس، وأن إجلاء هذه القوات تم بحرًا على ظهر فرقاطات، وأن السبب هو عدم ملاءمة الظروف الأمنية في المدينة، وأن القوات المنسحبة تتبع ما يسمى قيادة القوات الأمريكية العاملة في أفريقيا!.

وكان الخبر في حد ذاته مفاجئًا لكثيرين، ليس من حيث انسحاب القوات، ولكن من حيث إنها المرة الأولى تقريبًا التى يعرف خلالها المتابعون للشأن الليبي أن قوات أمريكية كانت موجودة فى هذه العاصمة.. ولم يذكر الخبر شيئًا عن عدد أفراد هذه القوات، ولا ذكر شيئًا عن ما كانت تفعله هناك قبل انسحابها!.

وقد كان الانسحاب موازيًا للهجوم الذي بدأه الجيش الوطنى الليبى بقيادة المشير خليفة حفتر على الميليشيات التى تحتمى فى العاصمة بما يسمى «حكومة الوفاق الوطنى»!.

أما حكومة الوفاق الوطني فيترأسها فايز السراج، وهي تحظى باعتراف المجتمع الدولى، الذى سارع منذ بدء هجوم الجيش، إلى طلب وقف الهجوم فوراً!.. وهذا يعنب أن المجتمع الدولي الذي يتحدث في إعلامه عن ليبيا، وعن أن استقرارها ضرورة، وعن أن استعادة الأمن إلى أراضيها مسألة واجبة، يتصرف هو نفسه في الواقع على النقيض تماماً، وبما يجعله يقف مع الميليشيات على أرض واحدة!.

ولأن عبارة المجتمع الدولى عبارة مطاطة، ولا تعني شيئًا محددًا فى حقيقة الأمر، فلا بد من توضيح المعنى المقصود من ورائها!.

وإذا أنت استعرضت مواقف الولايات المتحدة، وبريطانيا، وفرنسا، وإيطاليا، من هجوم الجيش الوطنى ورغبته فى تنظيف العاصمة من الميليشيات التى تعبث بأمنها وأمن البلاد، فسوف يتبين لك أن هذه الدول الأربع، على وجه التحديد، هي واجهة هذا المجتمع الدولى الذي نتكلم عنه ونقصده ونتابع عواقب تدخلاته في ليبيا، ثم نرى إلى أين وصلت الحالة الليبية وانحدرت بفعل أياديه التي تلعب في كل ركن هناك!.

إن ليبيا التى تنتج مليونًا ونصف المليون برميل من البترول يومياً يذهب طلاب فيها إلى مدارس من الصفيح في العقد الثانى من القرن الحادى والعشرين!.. ولا معنى لوقوف الدول الأربع تحديداً مع السراج سوى رغبة خفية عندها هي الأربع في إبقاء الدولة الليبية على حالتها الراهنة، وفي مباركة سيطرة الميليشيات على عاصمة البلاد، وفي بقاء الدولة منقسمة بين حكومة تحمل اسمًا على غير مسمى في الغرب، وبين جيش وطنى في الشرق يقاتل في سبيل الحفاظ على تماسك الأراضى الليبية وأمنها ووحدتها!.

لا تجد ربع هذا الاهتمام الرباعى من واشنطن، وباريس، وروما، وبرلين، بما يحدث في السودان، رغم أنها على الحدود مباشرة مع ليبيا، ربما لأن الخرطوم لا تعرف النفط الذي تحوّل في حياة الليبيين من نعمة إلى لعنة!.

المصري اليوم

هذا المقال يعبر عن رأي الكاتب ولا يعكس بالضرورة وجهة نظر شبكة إرم نيوز

الأكثر قراءة

No stories found.


logo
إرم نيوز
www.eremnews.com