"أسْرَلة" الجولان.. بعد «تهويد» فلسطين التاريخيّة
"أسْرَلة" الجولان.. بعد «تهويد» فلسطين التاريخيّة"أسْرَلة" الجولان.. بعد «تهويد» فلسطين التاريخيّة

"أسْرَلة" الجولان.. بعد «تهويد» فلسطين التاريخيّة

محمد خروب

انسحاب إسرائيل من الجولان سيكون «كابوساً استراتيجياً.. وانتحاراً سياسياً».. هكذا قال السيناتور الجمهوري المُتصهيِّن ليندسي غراهام, وهو يقف على الجزء المُحتلّ من الجولان السوري إلى جانب رئيس حكومة العدو الصهيوني نتنياهو وسفير بلاده لدى الكيان الغاصب ديفيد فريدمان، في معرض ترويجه لمشروع القرار الذي قدّمه مع سيناتور جمهوري مُتصهيِّن آخر هو تيد كروز, يدعو للاعتراف بالجولان المُحتل كَـ «جزء من إسرائيل».

تحالف الشر الصهيوأميركي يواصِل هجمته الشرسة على الحقوق الفلسطينية والعربية, بلا كوابح أو خِشية من رفض أو غضبة عربية, بعد أن استطاع «ترتيب» أوضاع المنطقة وتدجين بعض العرب, الذين استقالوا مُبكراً من عروبتهم وراحوا بحماسة مُفرِطة, يُروِّجون للمشروع الصهيوني الاستعماري ويدعون إلى التسليم بالأمر الواقع, عبر نشر ثقافة الهزيمة المَحمولة على تواطُؤ, بمصطلحات تَغرِف من قاموس الأعداء الذين لا يتورّعون عن كشف ما هو مستور وما كان يجري طوال العقود الماضية, من اتصالات خلف الأبواب المُغلقة, الى ان هبّت رياح ما وصف زوراً بالربيع العربي, فإذا بالمقصود منه والمُبرّمَج له هو إيصال الجمهور العربي الى قناعة بأن عصر الأسرلة والتصهّيُن قد بدأ, وأن الوقت للإعتراف بالكيان الصهيوني العنصري قد حان، ليس جزءاً من المنطقة فحسب بل وأيضاً قائِداً لها وواضِعاً جدول أعمالها, وهو القاطِرَة التي ستقودها في مُقبِل السنين والعقود.

لهذا أيضاً لم يخجَل السيناتور غراهام عندما قال في وقاحَة لا يُحسَد عليها: انه لا يُمكن تصوّر الآن أو في المستقبل ان (تَمْنَح) إسرائيل الجولان لأيّ طرف، ولا سيما في ضوء التهديدات التي تُواجِهها، مُشيراً في استعلاء انه «سيعمل مع الرئيس ترمب لِحثّه على دعمِ هذا التوجّه». وإذ لا حاجة له لبذل المزيد من الجهود لدى رئيس أميركي لا يقيم وزناً للقانون الدولي أو شرعة حقوق الإنسان, ولا يعبأ بقرارات مجلس الأمن التي أيّدَت بلاده بعضها أو امتنعت التصويت عليها, فإن اللافت دائماً هو الذريعة (اقرأ الأُكذوبة) التي يتَّكِيء عليها رموز الحلف الصهيواميركي الشيطاني في هذه المرحلة, وهو «الوجود الإيراني» المزعوم في سوريا، إذ يقول مُقدِّمو مشروع القرار المَعروض على الكونغرس منذ شهر في مُبرِّرات تَقديمِه: «إن إيران استخدمت الحرب في سوريا, لإقامة وجود عسكري طويل الأمد لمهاجمة إسرائيل من مرتفعات الجولان، وإنشاء ممّرات (إقليمية) تسمح لها بتزويد قواتها ووكلائها الإرهابيين بالأسلحة». ولم يتردّد مُختلِقو هذه الأحبولات في زجّ «النظام السوري» في المؤامرة الجديدة, التي تأتي بعد نجاحِهم في دفع ترمب (المُتحمِّس أصلاً) للإعتراف بالقدس عاصمة للكيان الصهيوني ونقل السفارة إليها, وخصوصاً في «إزالتِها» عن جدول أعمال أي مفاوضات مُحتمَلة, ودائماً قبل الإعلان عن صفقة القرن التي زعَمَ أحد مُهندسيها (جيسون غرينبلات) انها ستكون «مُفصَّلَة جداً جداً». زَعَم هؤلاء: ان تمرير مشروعهم سيضمن «أن يُواجِه نظام الرئيس بشار الأسد, تداعيات سياسية وجيوسياسية, لِقتلِه المدنيين وللتطهير العِرقي الذي مارَسَه ضد (العرب السُنّة), الى جانب استخدام أسلحة الدمار الشامل».

عبارات ومصطلحات مغسولَة.. مُضلِّلة ومُفبرَكة, لكنها عدّة الشغل المُلائِمة لهذه المرحلة العربية البائسة, التي يبرَع الحلف الصهيواميركي الشيطاني في توظيفها, بعد قيامِه بأخذ بعض عرب المنطقة إلى «وارسو» بحجة محاربة الخطر الإيراني، فإذا به مُجرّد مؤتَمر لإشهار التطبيع العربي المجّاني مع إسرائيل. وها هُم الآن يقولون في صلَفٍ وغطرَسة: «إن أيّ اتفاق (سلام) بين إسرائيل وسوريا, لن يتحقّق إلاّ على أساس بقاء إسرائيل في هضبة الجولان».

في تأييد وتأكيد لما كان قادة العدو يقولونه منذ عقود: إن ما «تَعرِضه إسرائيل على العرب, هو «السلام مُقابِل السلام» وليس «الأرض مقابِل السلام». وها هُما... أميركا وربيبتها الصهيونية (يُشاركِهما بعض العرب) يقولون لسلطة أوسلو في رام الله: «لا» كبيرة لِحلّ الدولتين, وليس أمامكم سوى أخذ ما يُعرَض عليكم, قبل ان نَسحَب العرض ونترككم لمصيركم البائس في دولة اليهود. التي «ليست لكل مُواطنيها بل حَصّراً لليهود». كما سارَع نتنياهو للتغريد في استكبار رداً على مذيعة التلفزيون روتم سيلع، التي تساءَلت مُستنكِرة التصريحات العنصرية لوزيرة الثقافة الليكودية ميري ريغف: ما المُشكلة مع العرب؟ يا إلهي – أضافَتْ – هناك أيضاً مواطنون عرب في دولتنا هذه.

حال التيه التي يعيشها معظم العرب, والصمت المُريب الذي يلّف عواصم عربية عديدة, إزاء كل هذه العربدة والإستخفاف الصهيوأميركي بكل ما هو عربي, والتلويح الدائم باستخدام القوة ضد مَن يُحاوِل الإعتراض أو رفع صوته في وجه هذا التحالف الشيطاني، تشي بأن عصر «الأسْرَلَة والتصَهّين» حقّق بعض الإنجازات، لكن مسارَه وسيرورته محكومان بالفشل, رغم كل محاولات بث اليأس والإحباط في صفوف جماهير أمتِنا.

والأيام ستروي.

الرأي

هذا المقال يعبر عن رأي الكاتب ولا يعكس بالضرورة وجهة نظر شبكة إرم نيوز

الأكثر قراءة

No stories found.


logo
إرم نيوز
www.eremnews.com