قطر المحتلة
قطر المحتلةقطر المحتلة

قطر المحتلة

عبدالله بن بجاد العتيبي

العناد يُورّث الكفر حقاً، ويبدو أن عناد حمد بن خليفة أوصله بالفعل- بعد عداوة جيرانه وإخوانه من دول الخليج- إلى الاستسلام الكامل لكل الأعداء والخصوم، ولكن أحداً لم يتوقع أن يذهب به العناد إلى استدعاء المحتل والمستعمر الذي طرده أجداده بحد السيف وأخرجوه صاغراً من البلاد، ومنحه البلاد على طبقٍ من ذهب.

سرّب موقع «العربية نت» الوثائق المتعلقة بالاتفاق القطري- التركي السرّي نقلاً عن موقع «نورديك مونيتور» السويدي، وهي التي سمحت للجيش التركي بالدخول إلى قطر، وهي وثائق سريةٍ لم تحسب القيادة القطرية أنها يمكن أن تتسرب للإعلام، وفيها نصوص تدل صراحةً على أنها ليست اتفاقاً للتعاون، بل هي وثائق استسلامٍ واستدعاءٍ للمحتل والمستعمر الجديد لدولة قطر.

منذ استلام حمد بن خليفة لمقاليد السلطة في بلاده منتصف التسعينيات عمل بجهدٍ بالتحالف مع جماعات الإسلام السياسي ومع تنظيم «القاعدة» على نشر دعايةٍ عريضةٍ تحت شعار «أخرجوا المشركين من جزيرة العرب» وكان المقصود هو القوات الأميركية الموجودة في السعودية آنذاك بعد تحرير الكويت، ومباشرةً بعد إعلان انسحاب القوات الأميركية من السعودية، استقبلها حمد بن خليفة، ومنحها أكبر قاعدة عسكرية أميركية في المنطقة.

قصة تحالف قطر مع تركيا وإيران و«الإخوان» وجماعات الإسلام السياسي وتنظيمات العنف الديني أصبحت قصةً معروفة لدى الكثير، وقصة تبني قطر للسياسات المتناقضة أيضاً صارت معروفة، من دعم «القاعدة» و«حماس» إلى العلاقات المتينة مع إسرائيل، والخبر الذي تحكيه هذه الوثائق السرية المسربة اليوم هو أن قطر بعد فشل كل مشاريعها التخريبية ودعمها المستمر للإرهاب السُني والشيعي أقدمت على ما هو أشنع، وهو استدعاء المحتل التركي بشكل مباشر، وتسليم البلاد له ولقواته المسلحة، وخدمة جنوده بشكل مذلٍ جداً وغير مسبوقٍ في التاريخ الحديث.

ثمة نصوص من الاتفاقية شديدة القسوة في مستوى المهانة التي رضيت بها القيادة القطرية، وهي بالتأكيد لا ترضي الشعب القطري، ذلك أن الإنسان مجبول على البحث عن الحرية والاستقلال وهو لا يرضى بالمهانة والمذلة، ولكن هكذا جرت الأمور بالسياسة القطرية حتى وصلت إلى قيعانٍ سحيقةٍ.

مما جاء في نصوص الاتفاقية أن على الجانب القطري أن يقدّم «كافة الخدمات اللازمة التي يحتاجها الجيش التركي خلال تواجده على الأراضي القطرية، بما في ذلك أعمال الإنشاءات والنقل والإمدادات وعقود الصيانة» والشيطان يكمن في التفاصيل حيث يتم تفسير هذا النص بالنص الذي يليه وهو«صيانة وإصلاح المركبات، وتنظيف الأبنية، وتسييج المناطق المستخدمة، وعمليات التشجير والتعشيب، وتزويد الأتراك بالغاز الطبيعي والماء والكهرباء والتبريد وخدمات الإنارة، وجمع أكياس القمامة والتخلص منها، وجمع المخلفات الطبية، والتخلص من عوادم المنتجات النفطية ومخلفاتها، ومكافحة الحشرات، وتقديم الخدمات اللازمة للمباني التي يقيم فيها الجنود الأتراك، وغسيل وكيّ ملابسهم».

هذا النص العجيب فيه إهانة لا يمكن أن يقبل بها أي إنسان لنفسه أو لبلده أو شعبه، فمعنى هذا الكلام أن يقوم الشعب القطري -مرغماً-بسبب الاتفاق على أن يصبح عامل صيانة وزبّالاً وسباكاً ونجاراً ومكافحاً للحشرات وغسّالاً لملابس الجنود الأتراك، وهي أعمال محترمةٌ يعيش منها أناس كثيرٌ في العالم، ولكن حين يُجبر المواطن القطري على تقديمها للمحتل تحت قوة القانون والتزاماً باتفاقية احتلالٍ وإذلالٍ، فإنها تكون من أبشع الأعمال وأشدها على النفوس الأبية.

أخيراً، فمحاولات قطر للهروب إلى الأمام لا تحل الأزمة ولن تنهي المقاطعة العربية الرباعية لها، وتركيا تستغل العناد القطري الذي دفع للقبول باحتلالها للبلاد لمصالحها، ومثل كل المستعمرين، سعت لتحويل قطر إلى مكينة لدعم الاقتصاد التركي.

الاتحاد

هذا المقال يعبر عن رأي الكاتب ولا يعكس بالضرورة وجهة نظر شبكة إرم نيوز

الأكثر قراءة

No stories found.


logo
إرم نيوز
www.eremnews.com