فلاح اسمه السادات!
فلاح اسمه السادات!فلاح اسمه السادات!

فلاح اسمه السادات!

سليمان جودة

اليوم.. سوف تكون مائة عام كاملة قد مرت على مولد أنور السادات، وسوف يكون على مصر أن تذكر ذلك الرجل، وأن تمنح اسمه تكريماً يليق بما قدّم هو لها، وأن تعيد تقديمه للأجيال التى لم تعايشه، ولم تعرفه، لعل الجميع يعرفون أن رجلاً مثله من رجال الدول الكبار قد مرّ ذات يوم من هنا!.

وكانت الكاتبة التونسية الدكتورة آمال موسى، قد كتبت عنه مقالاً كبيراً صباح أمس الأول، فى صحيفة الشرق الأوسط، التى تصدر فى لندن، تحت هذا العنوان: إنصاف السادات!.

وقد جاء إنصافه من كاتبة تونسية، ولم يحدث من كاتبة مصرية!.. ومما قالته عنه آمال موسى أنه عاش شجاعاً، وحكيماً، وواقعياً، وأنه امتلك رؤية سياسية آمن بها، وبأنها فى صالح بلده، وفى صالح كل بلاد العرب، وأنه أدرك ببصيرة لديه أن استقلالية قرار أى بلد يبدأ من عند اقتصاده، فقرر العمل فى هذا الطريق بشجاعة تظل محسوبة فى ميزانه على الدوام!.

وليس ذنبه بطبيعة الحال أن عرباً دعاهم إلى العمل معه قد خذلوه.. ليس ذنبه أبداً.. ولكن عزءاه فى آخرته أن الذين خذلوه، قد عادوا يتمنون هذه الأيام، لو أنهم قد سمعوا كلامه، وآمنوا بما رآه، ومشوا وراءه إلى آخر المشوار.. تمنوا هذا ولكن بعد فوات الأوان.. وعندما قرر الكونجرس الأمريكى منح ميداليته الذهبية إلى اسم السادات، كتب الأستاذ حسين شبكشى مقالاً قيماً عن الرجل فى الشرق الأوسط أيضاً!.

وليس أفضل اليوم، ولأيام طويلة قادمة، من إعادة تقديمه لكل مصرى.. وربما لكل عربى.. وفى هذا الاتجاه لن يكون هناك ما هو أقوى من أن أدعو إلى قراءة كتاب سيرة حياته من جديد.. فالكتاب صدر بقلمه، وفى حياته، عن دار نشر المكتب المصرى الحديث، وكان عنوانه: البحث عن الذات!.

وعندما صدرت طبعته الأولى عام ١٩٧٧ جرت ترجمته فى العام نفسه إلى ١٣ لغة، وخصص السادات عائده من كل الطبعات لتنمية قريته ميت أبوالكوم، التى لم يحب فى حياته مكاناً كما أحبها، والتى كان يجد راحته فيها، بأكثر مما يجدها فى القصر الرئاسى!.

هذا الكتاب هو الأعلى بين جميع كُتبه الأخرى.. فلقد أصدر قبله كتاباً عنوانه: قصة الثورة.. وكتاباً آخر عنوانه: يا ولدى هذا عمك جمال.. وكتاباً ثالثاً عنوانه: عرفت هؤلاء.. وهذا الأخير كان فصولاً كتبها هو على الصفحة الأخيرة من جريدة مايو عند بدء صدورها فى أيامه.. وكان يكتب فصلاً فى كل أسبوع عمن عرفهم فى مسيرة الحياة.. وفى فصل من تلك الفصول كتب عن السيدة جيهان السادات، كيف عرفها، وكيف يراها.. ولكن كتاب البحث عن الذات يبقى هو الأهم، وهو الأبقى، وهو الأشد متعة وفائدة للقارئ.. ففيه تفاصيل الحياه التى عاشها منذ أن كان طفلاً صغيراً يخرج فى شوارع ميت أبوالكوم، ممسكاً فى يد جدته، وهى ذاهبة إلى شراء العسل من مركب كان يحمله إلى قرية مجاورة عبر النيل، وحتى زيارته إلى القدس فى عام صدور الكتاب!.

يقدم نفسه فى الصفحة الأولى فيقول: أنا أنور السادات.. فلاح نشأ وتربى على ضفاف النيل!.

ولأنه كذلك، فلقد عاش يعرف قيمة أرض بلاده وينتمى إليها، وعلى هذا الأساس دار حوار مثير ذات يوم بينه وبين الدكتور نبيل العربى، الذى كان عضواً فى فريق مفاوضات كامب ديفيد ١٩٧٨.. ولكنها قصة أخرى ممتلئة بالمعانى!.

المصري اليوم

هذا المقال يعبر عن رأي الكاتب ولا يعكس بالضرورة وجهة نظر شبكة إرم نيوز

الأكثر قراءة

No stories found.


logo
إرم نيوز
www.eremnews.com