كارلوس.. ويوسف بطرس!
كارلوس.. ويوسف بطرس!كارلوس.. ويوسف بطرس!

كارلوس.. ويوسف بطرس!

سليمان جودة

لا خبر، على مستوى شركات صناعة السيارات فى العالم، سوى خبر القبض على كارلوس غصن، الذى كان إلى عشرة أيام مضت، يتربع على رأس تحالف يضم ثلاث شركات هى الأكبر فى تاريخ هذه الصناعة، ولم يكن له منافس فى تاريخها إلا الأمريكى الشهير هنرى فورد!.

الشركات الثلاث هى اليابانيتان نيسان وميتسوبيشى، ومعهما شركة رينو الفرنسية، وكان غصن على رأسها الثلاث من عشرين عاماً، وكان هو الذى أنقذها من شبح الخسارة ومن خطر الإفلاس، وكان يحصل على راتب يصل تقريباً إلى مليون دولار شهرياً!.

وفجأة وجد نفسه مطلوباً فى العاصمة اليابانية للتحقيق، ومن التحقيق إلى الحبس، ولايزال، وكانت التهمة أنه أخفى دخلاً سنوياً بملايين الدولارات من حصيلة بيع وشراء أسهم كان يملكها!.

وإخفاء دخل مُضاف فى مثل حالته، يعنى أنه لن يدفع ضريبة مستحقة على هذا الدخل، وهذا معناه حرمان الخزانة العامة من موارد يجب أن تصل إليها بانتظام، وعندما لا تحصل الخزانة العامة على مواردها من كارلوس غصن، ومن غير كارلوس غصن، فالحكومة فى اليابان لن تجد ما تنفق منه على الخدمات العامة التى عليها أن تقدمها لمواطنيها، وهو ما لا تتسامح فيه أى حكومة تعرف ماذا عليها أن تقدم للمواطن من خدمات عامة أساسية.. وبالذات الصحة والتعليم!.

وفى اليوم التالى للقبض عليه، كان وزير اقتصاد فرنسا يلتقى مع وزير الاقتصاد اليابانى، وكان الاثنان يؤكدان على أهمية بقاء تحالف الشركات الثلاث، وكان الرئيس الفرنسى إيمانويل ماكرون قد سبقهما إلى تأكيد المعنى ذاته، فى اليوم نفسه الذى جرى احتجاز غصن فيه، وكان لسان حال المسؤولين الثلاثة يقول إن استمرار التحالف هو من أجل فرص العمل التى تتوفر من خلاله لكثيرين، قبل أن يكون من أجل الحفاظ على مكانة فى سوق السيارات، تراكمت للشركات الثلاث على مر السنين!.

والمعنى الأهم فى قصة غصن الذى يعود إلى أصل لبنانى، أن الضرائب لاتزال هى الدخل الأكبر فى خزائن الحكومات، وأن الإنفاق العام بدون تحصيلها يواجه مشكلة أساسية، ولكن بشرط أن تكون ضرائب عادلة، وأن يشعر الناس بأثرها فى حياتهم، وبأن سدادها فيه مصلحة مباشرة لهم، وبأن كل خدمة عامة تقدمها الحكومة، يتحسن مستوى الأداء فيها يوماً بعد يوم بفعل عائد الضريبة.. تماماً كما فعل يوسف بطرس أيام وجوده فى الوزارة!.. وإلا فإن كل واحد سوف يبحث عن وسيلة يتهرب بها من الوفاء بضريبة، هو أدرى الناس بأنها مستحقة عليه!.

المصري اليوم

هذا المقال يعبر عن رأي الكاتب ولا يعكس بالضرورة وجهة نظر شبكة إرم نيوز

الأكثر قراءة

No stories found.


logo
إرم نيوز
www.eremnews.com