الغضب السيادي
الغضب السياديالغضب السيادي

الغضب السيادي

زياد الدريس

«إنه مسيء من وجهة نظرنا، أن تأتي دولة وتُحاضر علينا وتقدم مطالب، مثل:

(نطالب بالإفراج الفوري)!

ما هذا الذي تقولونه؟! يمكنكم انتقادنا في شأن حقوق الإنسان، يمكنكم انتقادنا في شأن حقوق النساء. أميركا تفعل هذا، البرلمان الأوروبي والبريطاني والفرنسي والحكومة الألمانية وغيرهم يفعلون هذا. لا بأس، لكم الحق، يمكننا الجلوس والتحدث عن ذلك.

أما أن تطالبوا بالإفراج الفوري!

من نحن؟ جمهورية موز!

هل هناك أي دولة تقبل هذا ؟ كلا، نحن لا نقبل.

يمكنكم محادثتنا عن حقوق الإنسان متى شئتم، أما محاضرتنا فلا يمكن، نحن لن نسمح بذلك، وكفى يعني كفى.

لا نريد أن نكون لعبة في سياسات كندا الداخلية. ابحثوا عن كرة أخرى تلعبون بها، لكن ليس السعودية!».

بهذا الرد الواضح والصارم على مسامع غربيين، الأسبوع الماضي، أبان وزير الخارجية السعودي عادل الجبير عن أسباب الغضب السعودي (العارم) على كندا.

الخلاف هنا لم يحدث جراء أحد الأسباب المألوفة في الخلاف (العابر) بين أيّ بلدين: اختلاف في وجهات النظر، فيلم أو مقال أو تصريح مسيء، الإساءة أو الأذيّة لأحد مواطني البلدين أو لمجموعة منهم.

سبب الغضب هو انتهاك كندا لـ (السيادة) السعودية.

ولتبسيط المسألة يمكننا القول إن مفهوم (انتهاك السيادة) في العرف السياسي مماثل لمفهوم (انتهاك الكرامة) في العرف الاجتماعي. هل رأيتم كيف يتصاعد الغضب عند الإنسان إلى حدّه الأقصى عندما تُنتهك كرامته بما قد يفوق غضبه تجاه أي إساءات أخرى؟!

الدولة التي تسمح بأن تكون سيادتها نهباً لمن أراد، ليست دولة مكتملة الأركان وراسخة الجذور، بل دولة مترنّحة تميل بها الريح حيث مالت، وما يكون للمملكة العربية السعودية أن تقبل بأن تكون كذلك.

ومما يزيد الغضب، السعودي أو غير السعودي، تجاه الانتهاكات السيادية المألوفة من بعض دول الغرب خصوصاً، أنها لا تتم لأغراض إنسانية، كما تبدو مغلفةً بذلك، بل هي لأغراض انتهازية رخيصة، إما للابتزاز المادي أو بهدف حشد الدعم الشعبي والتحشيد الانتخابي لأشخاص أو لأحزاب تبحث عن الجماهيرية والنجاح الشعبوي بأي وسيلة، حتى لو كانت على حساب شعوب ودول أخرى.

الانتقادات (الانتقائية) التي تتم بإسم حقوق الإنسان باتت مفضوحة ومتهافتة، ولا علاقة حقيقية وصادقة لحقوق الإنسان بها، بل هي تخدم حقوق (أناسين) محدّدين، بمطامع مسبقة ومتبادلة.

كم تُنتهك حقوق الإنسان بإسم (حقوق الإنسان)!

الحياة

هذا المقال يعبر عن رأي الكاتب ولا يعكس بالضرورة وجهة نظر شبكة إرم نيوز

الأكثر قراءة

No stories found.


logo
إرم نيوز
www.eremnews.com