الصينيون والروس غاضِبون ويُحَذِّرون.. أو هستيريا العقوبات الأميركية!
الصينيون والروس غاضِبون ويُحَذِّرون.. أو هستيريا العقوبات الأميركية!الصينيون والروس غاضِبون ويُحَذِّرون.. أو هستيريا العقوبات الأميركية!

الصينيون والروس غاضِبون ويُحَذِّرون.. أو هستيريا العقوبات الأميركية!

محمد خروب

سُحُب الفوضى آخذة بالتجمّع في فضاء العلاقات الدولية،وبخاصة بين الولايات المتحدة الأميركية وعدد لا يُستهان به من دول العالم على رأسِها الصين وخصوصاً روسيا،وبما يُنذر بتقويض ما تبقّى من أُسس ومعايير نظمَت العلاقات الدولية،رغم الاهتزازات العنيفة التي تعرّضَت لها وما تزال جرّاء إصرار واشنطن بإداراتها المُختلفة على ممارسة سياسات الهيمنة المحمولة على عربدة وغطرسة،عبر تقديم المصالح الاميركية العدوانية على مصالح معظم بل كل دول العالم وشعوبها،حتى تلك الدائرة في فلكها وغير القادِرة (بافتراض أنها راغبة)على رفض او مواجهة او حتى الاحتجاج على السياسات الاميركية الانانية،كما هي حال الاتحاد الاوروبي في قضايا وملفات التجارة العالمية، التي وضعَت قواعدها وأُسسها منظمة التجارة العالمية،التي كانت واشنطن المُحرّك الرئيسي لانبعاثها وتكييف شروطها لصالح الاحتكارات الرأسمالية،وخصوصا الشركات الاميركية متعدّدة الجنسيّات وعابِرة القارات، فاذا بها الان تُدير الظهرلها بعد ان وجدت ان دُولاً عديدة»استفادت»من هذه المنظمة،وتلك القواعد والأُسس التي تواضعت عليها معظم دول العالم،بعد ان تم استنفاد دور منظمة «الجات».ما بالك موقف الاتحاد الاوروبي»الرخو»من قرار واشنطن»الانسحاب»من الاتفاق النووي مع ايران،في ازدراء واضح للدول الباقية التي وقّعَت عليه (فرنسا، بريطانيا، المانيا وكل من روسيا والصين)،مُلوّحة بفرض عقوبات على من يواصِل التزام الاتفاق،بعد ان تُوضَع موضع التنفيذ،العقوبات الأميركية غير المسبوقة في قسوتها وشموليتها على ايران(وِفق تعبير وزير الخارجية الاميركية) اوائل شهرتشرين الثاني المقبل.

.. هنا والآن تحضر الازمة الأميركية المتدحرِجة مع كل من الصين وروسيا،بعد ان اخذت هيستريا ادارة ترمب في فرض العقوبات أبعادا تمس كرامات وسيادة ومصالح دولتين كبيرين،لديهما بالتأكيد ما ترُدّان به وفي شكل مؤلم

على غطرسة وعدوانية وصلف الدولة الكبرى،التي ما يزال قادتها وخصوصا نُخبها العسكرية والسياسية،ومن يقف خلفها كالمجمّع الصناعي العسكري والاكاديمي والنفطي،ومن»يهندسون»عُضوية مجلسي الكونغرس،يُوهِمون أنفسَهم بان القرن الحالي هو «قرن اميركي»كما حلُم مهووسو مراكز الابحاث والدراسات وواضعو الاستراتيجيات،في اصرار على تجاهل الحقائق المتبلورة على اكثر من صعيد عسكري وسياسي وجيوسياسي واقتصادي،بأن دورة انحدار الامبراطورية الأميركية قد بدأت،وأنِظاماً دوليّاً جديداً في طريقه الى البروز والتشكّل،وان قوى اخرى صاعدة بقوة واقتدار بدأت تشق طريقها نحو»القمة»،التي ظنّ الامبرياليون الاميركيون انهم قادرون على احتكارها لعقود طويلة,لكنهم الان يشعرون بالعزلة التي بدأت تُحكِم طوقها عليهموفي اكثر من صعيد.

ما علينا..

الغضب غير المسبوق الذي اظهرته الصين تجاه العقوبات التي فرضتها واشنطن ضد بيجين بسبب التعامل مع روسيا، وخصوصاً على قسم التدريب والإعداد التابع للمجلس العسكري المركزي الصيني ورئيسه لي شانفو، بسبب شراء السلطات الصينية مقاتلات سوخوي ومنظومات صواريخ (s400 (الروسية،يعكِس مدى الضيق الذي بدأت تشعر به الصين تجاه الحماقة الاميركية المتصاعِدة، والتي لم تتوقف عند الضربات المُتبادَلة في الحرب التجارية المتدحرجة بين البلدين،وعلى نحو بدا فيه الرئيس الاميركي يشعر بالإحباط بعد خطوات بيجين المدروسة بعناية،في الرد المباشر والفوري على كل»وجبة»فرض رسوم تجارية على حزم بمئات مليارات الدولارات،بل ذهبت بعيداً في المسّ بسيادة الصين والتصويب نحو قدس اقداس جمهورية الصين الشعبية وهو جيشها،الذي يحتل مكانة مرموقة في هيكل الدولة

الصينية،وبما يعكس ايضا تدخلا في القرارات السيادية لدولة مثل الصين الامر الذي تجلّى في عبارات الرفض الصيني لقرار الجانب الاميركي،وحثّه في تحذير قوي على»تصحيح أخطائه على الفور،وإلغاء ما يُسمّى بالعقوبات وإلاّ فإن الجانب سيتحمل عواقب قرار كهذا».

ماذا عن روسيا؟

ثمة مرارة كبيرة على موسكو واستعداد لديها للمضي قدُماً،في مواجهة العدوانية الأميركية وتلويحها بترك الاعتماد على»الدولار»،ليس مجرّد اشارة حمراء،بل ثمة خطوات جادة وملموسة بدأت تؤتي ثمارها على هذا الطريق،وبخاصة في شأن اعتماد»العملات المحلية»في التبادلات التجارية مع دول عديدة،فضلا عن اعتبار القرار الاميركي(عن الجيش الصيني) محاولة من واشنطن لـ»إخراج»روسيا من سوق مبيعات السلاح واحتكاره لصالح شركاتها. تستطيع واشنطن بالطبع اللجوء الى اساليبها المفضوحة في اللعب على التناقضات الداخلية في الدول الاخرى‘كما حاول بومبيو استغلال ملف المسلمين»الويغور»عبر بث مزاعم واكاذيب عن»اضطهادهم»في الصين وغيرها من الخزعبلات الاميركية حول

حرية الأديان ومصطلحات مغسولة اخرى،كما يمكنها الرهان على انظمة معادية لروسيا في اوروبا مثل اوكرانيا وبولندا(دع عنك تخريبها المقصود لعرقلة حل الازمة السورية... سياسياً)لمد اذرعة حلف الاطلسي في حدود روسيا،لكن بيجين وموسكو كل على حدة وربما لاحقا في تنسيق كامل(كما حدث في المناورات العسكرية الضخمة فوستوك 2018(ان تردّا بقوة على العدوانية الاميركية،ليس فقط في استدعاء السفير الاميركي وتقديم احتجاج شديد اللهجة،كما فعلت الصين التي علّقت ايضا زيارة قائد قواتها البحرية الى اميركا،بل وايضا في مواجهة سياسات واشنطن التوسّعية والعدوانية على اكثر من ساحة صراع دولي،سواء في اوروبا ام في افريقيا واميركا اللاتينية (فنزويلا ونيكاراغو) ام في الشرق الاوسط.. سوريا وفلسطين (صفقة القرن) وليبيا والعراق واليمن.

الرأي

هذا المقال يعبر عن رأي الكاتب ولا يعكس بالضرورة وجهة نظر شبكة إرم نيوز

الأكثر قراءة

No stories found.


logo
إرم نيوز
www.eremnews.com