الزعيم والإنسان
الزعيم والإنسانالزعيم والإنسان

الزعيم والإنسان

سمير عطاالله

في كل منا إنسان لا يعرفه الجميع لأنه غير بادٍ للجميع مهما كبر الإنسان الظاهر، لكي يبدو مختلفاً عن الآخرين ومتفوقاً عليهم، يظل شبيهاً بهم في نقاط بشرية كثيرة. مثلهم معرَّض للجوع والألم والوقوع في الحب. وتقوم مؤسسات بأكملها على إخفاء نواحي الضعف في الرجال الأقوياء لكي لا تتأذى هالة المهابة التي تحيط بهم. فقد أصيب الرئيس روزفلت بالشلل، لكن طوال سنوات أخفي كرسيه المتحرك عن الناس لكي لا تهبط معنويات الأميركيين في الحرب.

وفي المقابل، هناك مؤسسات مهمتها «تلميع» صورة الزعماء وإبعاد الشوائب عنهم. ولعل أشهر ما حدث في هذا الباب تلك السيدة التي اقترحت على الرئيس الفرنسي فرنسوا ميتران تدوير نابه الأمامي، لأنه يعطيه ملامح الخبث عندما يبتسم. وأفاق الفرنسيون ذات يوم، ليجدوا الزعيم الاشتراكي بأسنان متساوية.

وتهتم الدول والحكومات، أكثر من الفضوليين من الناس، بنقاط الضعف البشرية عند الزعماء. وعندما ذهب ريتشارد نيكسون ووزيره هنري كسينغر لمقابلة ماو تسي تونغ في أول زيارة من نوعها في التاريخ، تبيّن لكسينغر أن الأكثر تأثيراً على ماو هي مترجمته الممتلئة قليلاً. أو هكذا أوحى له ماو متعمداً، كما كتب في مذكراته لاحقاً.

قصص الرؤساء والعشق لا حصر لها. ولكن المقصود بهذه السلسلة ليس الضعف (أو القوة) حيال الجنس الآخر فقط، ولا العودة إلى الشائع منها، مثل قصة جون كيندي ومارلين مونرو، أو بيل كلينتون ومونيكا لوينسكي، وسائر المفتقرات إلى الجاذبية والجمال في تحرشاته. حاولت البحث عن التفاصيل الإنسانية «الصغيرة» في عالم الكبار. ليس في أخبار الصحف الشعبية، بل في كتاب طبيب ماو، وفي كتاب طباخ الماريشال جوزيف تيتو، الذي كان في الأصل مهندساً كيميائياً. وسوف تكتشف أن الزعيم الشيوعي الذي كان يشتري بذلته من سوق العتيق، كافأ نفسه بجزيرة خاصة في بريوني، حيث كان يستضيف كبار نجوم السينما، ذكوراً وإناثاً. وأشهرهن كانت صوفيا لورين، التي أمضت على الجزيرة شهراً كاملاً، طبخت خلاله أنواع السباغيتي للمارشال، فطبخ هو لها أنواع الصلصات البلقانية جميعاً. مع الفلفل.

سألت الرئيس عبد العزيز بو تفليقة مرة عن ملامح التغيير في العقيد القذافي، فتضايق من السؤال، وقال باقتضاب، يحاول أن يداري الكبر. وسوف يقول جراح برازيلي فيما بعد إنه أجرى عملية زرع شعر للعقيد من دون تخدير، لأن الزعيم الليبي كان يخشى المؤامرات. وكان صدام حسين يرفض أن يأكل إلا من صنع طباخه. وذات مرة أحضر طعامه معه إلى عمان، ورفض تناول طعام مضيفه، الملك حسين.

الشرق الأوسط

هذا المقال يعبر عن رأي الكاتب ولا يعكس بالضرورة وجهة نظر شبكة إرم نيوز

الأكثر قراءة

No stories found.


logo
إرم نيوز
www.eremnews.com