هل ما زال الولد أنفع من البنت؟
هل ما زال الولد أنفع من البنت؟هل ما زال الولد أنفع من البنت؟

هل ما زال الولد أنفع من البنت؟

زياد الدريس

في كتاب سيرته الذاتية (سنوات الجوف)، جعل الدكتور عبدالواحد الحميد الإهداء موجهاً إلى مجموعة مؤثرين في حياته، من بينهم بناته: أريج، شذى، وجدان، ريم، أمل، روان، رغد.

وفي حديث هاتفي، قلت للصديق العزيز (أبي أريج) ضاحكاً: واضح أنك أجريت محاولات عدة للبحث عن ولد، ولم تستسلم إلا بعد المحاولة السابعة!

تجرأت أن أمازح صديقي في هذه الخصوصية لسببين، الأول: أني من آباء البنات أيضاً، إذ رُزقت بأربع بنات، مع ولدٍ واحد فقط كاد أن يستجرّني لمحاولات متوالية!

السبب الثاني: أني أعرف حجم العلاقة الأبوية والوجدانية الرقيقة التي تربط عبدالواحد ببناته السبع حفظهن الله.

ظلت المجتمعات الإنسانية، ولقرون متطاولة، تتطلع إلى المواليد الذكور أكثر من المواليد الإناث، ليس بسبب مسائل العيب والعار كما اشتُهر عند العرب، ولكن لأسباب معيشية ولوجستية واقتصادية بحتة، إذ سيكون الولد قادراً على مساندة أبيه في ممارسات الكدّ اليومي والكسب المعيشي، ثم في خدمة والديه واستضافتهما عنده حين العجز والشيخوخة. لكنّ هذا التسبيب يكاد يكون مفرّغاً من محتواه الآن بعد أن أصبحت الوظيفة والعمل في العهد الرأسمالي الذي يعيشه العالم الآن شاملاً ومتاحاً للجميع، ذكوراً وإناثاً. وباتت الأنثى قادرة في المنافسة الحرة الآن أن تحقق دخلاً شهرياً أكثر من أخيها أحياناً، ومن أبيها غالباً!

حين أقرّت الصين عام ١٩٧٨ (سياسة الطفل الواحد) فقط لكل أسرة، بهدف تحديد النسل، وضعت استثناءً للأسر الريفية التي يكون مولودها أنثى أن تُمنح فرصة أخرى لمولودٍ ثانٍ لعله يكون ذكراً. هذا الاستثناء لم يكن يُطبّق في بكين وشنغهاي وغيرهما من المدن المتحضرة بسبب تضاؤل الفروقات النفعية بين الذكر والأنثى في المدن. مسوّغات ذلك الاستثناء تكاد تتلاشى الآن، على المستوى العالمي، بسبب تمدد المفاهيم الحضرية على التجمعات الريفية.

سببٌ آخر، عند العرب خصوصاً، لتفضيل المولود الذكر على الأنثى هو حمل الولد لاسم الأب واستمرار تداوله عبر الأجيال. وهذه الميزة كانت فعالة عندما لم يكن التدوين والتوثيق منتشراً، إذ كانت الوسيلة الأنجح لحفظ اسم الأب هو وجوده في اسم الابن والحفيد وابن الحفيد، لكنها فقدت مفعولها الآن في هذا العصر الذي لا يترك شاردة ولا واردة إلا وثّقها وحفظها بحيث يمكن معرفة الشخص وتفاصيل التفاصيل عنه من دون الحاجة لاسترجاع نسبه. فالاستيعاب الرقمي الضخم للمعلومات الآن أصبح قادراً، ليس على حفظ أسمائنا فقط، بل وأفعالنا وحواسّنا ورغباتنا التي نريد إعلانها والتي لا نريد.

كانت التعزية المكرورة من أفراد المجتمع للتخفيف عن آباء البنات هي قولهم: «... لكنّ البنات أكثر عاطفة ورقّةً وحناناً من الأولاد». الآن اكتسبن البنات فوق رقّتهن قوةً وقدرة تكاد تماثل قوة الأولاد وقدرتهم، لكني أخشى إن تفوّقن على قوة الأولاد أن يفقدن رِقّتهن ثمناً لذلك.

الحياة

هذا المقال يعبر عن رأي الكاتب ولا يعكس بالضرورة وجهة نظر شبكة إرم نيوز

الأكثر قراءة

No stories found.


logo
إرم نيوز
www.eremnews.com