روح رئاسية!
روح رئاسية!روح رئاسية!

روح رئاسية!

سليمان جودة

لا أعتبر الكلمة التي توجه بها الرئيس إلى المصريين، بعد ساعات من إعلان نتيجة انتخابات الرئاسة، أمس الأول، كلمة عادية مما يقال فى المناسبات، على سبيل الاحتفال أو الاحتفاء.. لا.. هي ليست كذلك في نظري أنا على الأقل، وهي لمن يعاود قراءتها برنامج عمل يتعهد به رأس الدولة على الملأ!

إنها تذكرني بالكلمة التي كان الرئيس قد ألقاها، مارس ٢٠١٤، عندما كان قد استقال من منصبه كوزير للدفاع، وأعلن ترشحه في السباق الرئاسى!

ففيها هي الأخرى في زمنها، لمن شاء أن يعود إليها، برنامج عمل موجز، جرت صياغته في نقاط محددة، وفيها في الوقت نفسه التزام من صاحبها، بأن يعمل على ترجمة كل كلمة من كلماتها إلى واقع حي على الأرض!

وكذلك كان الحال مع كلمة أمس الأول!

وقد استوقفتني فيها هذه العبارة: أعدكم بأن أعمل لكل المصريين، دون تمييز من أي نوع، فالذي جدد الثقة بي وأعطاني صوته، لا يختلف عمن فعل غير ذلك، لأن مصر تسع كل المصريين، مادام الاختلاف في الرأي لم يفسد للوطن قضية!

هذا كلام مهم للغاية.. وأهميته مزدوجة: مرة في معناه الراقي.. ومرة في أنه صادرعن أعلى سلطة في الدولة، وليس عن شخص من آحاد الناس!

فالذي لم يشأ أن يعطي صوته للمرشح عبدالفتاح السيسي، سوف يكون بعد إعلان الفوز، هو والآخرون سواء، لا فرق بينهم ولا تمييز!

وهذه روح لابد أن الرئيس يستحق عليها التحية، ثم تتطلب مني أن أدعوه إلى أن يطلب من أجهزة قياس الرأي العام في البلد تقريرًا صادقًا وأمينًا، عن الأسباب التي دعت هذا من الناخبين أو ذاك، إلى أن يعطي صوته للمرشح المنافس، أو أن يبطل صوته!

هناك أسباب قطعًا، خصوصًا ي حالة إبطال الصوت، ولابد أن تعرفها الدولة في أعلى مستوى فيها.. والرئيس مدعوّ بجد إلى معرفة هذه الأسباب، لأن الذين أبطلوا أصواتهم ليسوا قليلين، ولأنهم في النهاية مواطنون غاضبون من شيء ما.. وهذا الشيء، لا بديل عن أن يكون واضحًا أمام صاحب القرار، ولا بديل عن أن يكون هؤلاء المواطنون الغاضبون موضع بحث، ودراسة، واستقصاء!

هؤلاء يا سيادة الرئيس مسؤولون منك، وفي الغالب فإن الجزء الغالب منهم ليس مختلفًا عليك، ولكنه مختلف معك.. وهذا حقه الذي يجب أن نحترمه، وألا نقلل من شأنه، لأنه لولا اختلاف الآراء، ولولا تباين الرؤى، ولولا تعدد وجهات النظر، ما وصل الناس إلى الطريق الصحيح!

أدعوك يا سيادة الرئيس إلى أن يكون هؤلاء الذين لم يعطوك أصواتهم محل اهتمام من جانبك، وموضع توجيه من ناحيتك إلى كل دوائر الدولة ومستوياتها، بأن أيًا منهم ليس عدوًا للدولة.. فالوطن، كما قلت في كلمتك، يتسع للكافة، ويسع كل مواطن يعيش على أرضه ما لم يمارس عنفًا أو يدعو إليه!

المصري اليوم

هذا المقال يعبر عن رأي الكاتب ولا يعكس بالضرورة وجهة نظر شبكة إرم نيوز

الأكثر قراءة

No stories found.


logo
إرم نيوز
www.eremnews.com