من تظاهرات السكان الأخيرة ضد مشروع التوربينات
من تظاهرات السكان الأخيرة ضد مشروع التوربينات AP

الخلاف العميق بين الدروز وإسرائيل

الأزمة بين الطائفة الدرزية والدولة شديدة وعميقة ولا تقتصر على الخلاف الذي تجدد مؤخراً بشأن قضية بناء توربينات الرياح قرب القرى الدرزية في هضبة الجولان. الشرخ المتفاقم مع الدروز مرتبط أيضاً بالجريمة المتفشية في المجتمع العربي في إسرائيل وبأداء الحكومة الحالية الفاشل.

الصورة بمجملها تثير قلق القيادة الأمنية التي تخشى زعزعة العلاقات مع الطائفة واحتمال أن تتدهور الأمور إلى عنف واسع النطاق والضرر المتوقع لمساهمة الدروز الكبيرة في أمن الدولة.

لقد توقف العمل في بناء توربينات الرياح في شمال مرتفعات الجولان في شهر حزيران الأخير، في أعقاب اضطرابات عنيفة قام بها السكان الدروز في القرى المجاورة وأصيب فيها عدد من المتظاهرين خلال المواجهات مع الشرطة.

أمرت الحكومة بوقف العمل ومنذ ذلك الحين تجري اتصالات للتوصل إلى صيغة تسمح باستئناف العمل. رئيس الحكومة، بنيامين نتنياهو، ضالعٌ في هذه الاتصالات من خلال رجاله، مستشاره للأمن القومي، تساحي هنغبي، وسكرتيره العسكري، اللواء آفي غيل.

في الأسبوع الماضي، أفادت جيلي كوهن في قناة "كان" بأنه من المتوقع استئناف العمل في بداية الأسبوع الحالي. وقد أثار هذا النشر، مرة أخرى، عاصفة بين أبناء الطائفة، والمحادثات في هذا الشأن لا تزال متواصلة، إلا أن الدولة سوف تضطر على ما يبدو إلى فرض استئناف العمل في المشروع في نهاية المطاف، بسبب الالتزامات القانونية تجاه الشركة المنفِّذة.

غير أن الإحباط بين الدروز أوسع بكثير من القضية الحالية، وهو متراكم عبر سنوات عديدة. الخلاف في الجولان يُضاف إلى الغضب العميق في أعقاب قتل أربعة أشخاص في قرية أبو سنان قبل نحو أسبوع وتصاعد أعمال القتل والإجرام في القرى الدرزية، التي لها علاقة مباشرة بحالة الفلتان بين عائلات الإجرام في المجتمع العربي. في حالة الدروز، يجري الحديث بالأساس عن نشاط عائلة أبو لطيف. زعيم العائلة اعتُقل مرة أخرى مؤخراً، وهذه المرة بشبهة تورطه في الاستيلاء على مناقصات بناء خاصة بالجهاز الأمني. كما اعتُقل في هذه القضية، أيضاً، رئيس المجلس المحلي في قرية الرامة.

الغضب والخوف الناجمان عن تصاعد الجريمة ينضمان إلى الغضب على الدولة بشأن قضيتين اثنتين: قانون القومية الذي أُقرّ في العام 2018 بواسطة إحدى حكومات نتنياهو السابقة، رغم معارضة الدروز الصاخبة، وقضية الأراضي.

فالدروز يشعرون بأن الدولة تتعمّد تقييد البناء في بلداتهم وتلاحقهم، بما في ذلك من خلال فرض غرامات باهظة على مخالفات البناء، في الوقت الذي تسمح فيه بالبناء الحرّ والواسع في المستوطنات وفي البؤر الاستيطانية في الضفة الغربية، حتى حين تكون الإجراءات غير قانونية.

مجرد حقيقة أن الدروز يطرحون هذه المقارنة تدل على تغيير: في الماضي، كان أعضاء الكنيست من الطائفة موزعين على أحزاب اليمين والوسط واليسار، وكان معظمهم يبذل جهوداً لتجنّب الانجرار إلى الجدل حول القضية الفلسطينية.

بما أن الطائفة الدرزية صغيرة نسبياً ومعدّل التكاثر الطبيعي فيها منخفض جداً، فإن احتياجات البناء في القرى تتراوح حول ما يقارب ألف وحدة سكنية جديدة سنوياً.

المصاعب القضائية والبيروقراطية التي تعترض طريق إصدار تراخيص البناء، إضافة إلى أوامر الهدم، تثير مشاعر المظلومية التي تتعمق وتصبح أكثر حدة عند الحديث عن خريجي المؤسسة الأمنية. ومؤخراً، ثارت عاصفة بسبب أمر بوقف العمل صدر بحق ضابط كبير في الاحتياط، كان قد خدم سنوات عديدة في شعبة الاستخبارات العسكرية (أمان)، بعد أن بدأ باستصلاح قطعة أرض للبناء.

يدرك كبار المسؤولين في الأجهزة الأمنية جيداً واقع العاصفة المتصاعدة بين الدروز واحتمال أن تؤدي هذه إلى صدام واسع النطاق مع الدولة، يمكن أن يندلع بسبب مواجهة محلية موضعية، مثل قضية توربينات الرياح في الجولان أو الخلاف حول هدم منزل في قرية في الجليل.

رئيس أركان الجيش، هرتسي هليفي، ورئيس الشاباك، رونين بار، بحثا مسألة التوترات بين أبناء الطائفة في عدة مناسبات وأكدا أمام المستوى السياسي خطر حصول الانفجار. في الجيش، هنالك قلق من أنه مع مرور الوقت، سيقل الدافع لتأدية الخدمة العسكرية بين أبناء الطائفة التي قدمت، حتى اليوم، مساهمة أمنية كبيرة في الوحدات القتالية، في شعبة الاستخبارات العسكرية (أمان) وفي تشكيلات مختلفة من أذرع الاستخبارات الأخرى. حتى أن لقاء قد جرى قبل بضعة أشهر بين نتنياهو وضباط دروز، عرضوا خلاله شكاواهم ومطالبهم.

وحتى الآن، يبدو أن الحكومة غير قادرة ـ كما في مجالات أخرى ـ على تقديم حلول للمشكلات المستفحلة.

صحيفة "هآرتس"

المقالات المختارة المنشورة في "إرم نيوز" تعبر عن آراء كتّابها ولا تعكس بالضرورة وجهة نظر الموقع.

الأكثر قراءة

No stories found.
logo
إرم نيوز
www.eremnews.com