الإعلام المتهم!
الإعلام المتهم!الإعلام المتهم!

الإعلام المتهم!

سليمان جودة

لافت للانتباه جداً أن تدعو المستشارة الألمانية، أنجيلا ميركل، إلى مفاوضات سرية بين أطراف الأزمة القطرية، من أجل الوصول فيها إلى حل!.

كانت ميركل استقبلت الشيخ تميم بن حمد، أمير دولة قطر، في برلين، وأبدت دهشتها البالغة من مرور ما يقرب من مائة يوم على بدء الأزمة دون الوصول فيها إلى أي بادرة من الأمل!.

والأزمة، لمن لا يعرف، بدأت في الخامس من يونيو الماضي، عندما قررت مصر، والسعودية، والإمارات، والبحرين، قطع علاقاتها الدبلوماسية والقنصلية، مع قطر؛ لأن لها أنشطة تضر بأمن الدول الأربع، ومن يومها إلى الآن، لا تزال الأزمة في مكانها الذي بدأت منه، ولا تزال الدوحة تنكر أنها تمارس ما تقول العواصم الأربع إنها تمارسه، مع أن المتابع لشاشات شبكة الجزيرة الفضائية، مثلاً، سوف يلاحظ أن تغطياتها الإعلامية لكثير مما يخص الدول الأربع، تغطيات غير موضوعية في الجانب الكبير منها، ولابد بالتالي أن تتغير التغطيات في تجاه يقول إن الشبكة لا تعمل على أساس نوايا سيئة تجاه كل دولة من الدول المقاطعة!.

اللافت في حديث ميركل، بعد لقائها مع الأمير القطري، أنها تنصح بالجلوس لحل الأزمة في السر، ليس لأنها مُغرمة بالسرية في حد ذاتها، ولكن من أجل أن يكون الكلام بين أطراف الأزمة بعيداً عن الإعلام!.

هذا هو بالضبط القصد، بل إنها ذكرته صراحةً، وكأن المستشارة الألمانية العتيدة تريد أن تقول إن الذي أخّر حل الأزمة هو الإعلام، أو أنه ما دخل فى تفاصيل شيء إلا وأفسده!.

فهل الإعلام كذلك حقاً؟!.. وهل كان الإعلام قادراً على أن يقدم شيئاً في سبيل حل الأزمة سريعاً، ثم لم يقدمه، وإذا كان هذا حقيقة، فما السبب الذى وضع الإعلام في هذا المربع؟!.

ليست المرة الأولى التي يجري فيها اتهام الإعلام العربي بهذه التهمة.. فمن قبل كان إبراهيم غندور، وزير خارجية السودان، قد ألقى في وجه إعلامنا العربى بالتهمة ذاتها، عندما قال إن الولايات المتحدة الأمريكية، إذا كانت رفعت العقوبات جزئياً عن بلاده، فإن ذلك تم لأن عدة اجتماعات انعقدت لهذا الغرض في الخرطوم، بعيداً عن عيون الإعلام!.

والمعنى الذى أراد الوزير السودانى أن يقوله أن هذه الاجتماعات التي زادت عن العشرين اجتماعاً، وامتدت لستة أشهر، لو كانت جرت على مرأى من الإعلام، ما كانت نجحت، وما كانت أدت إلى أي نتيجة، واليوم تأتي ميركل لتقول الشيء نفسه عن الأزمة القطرية، وإنْ بشكل مختلف!.

والسؤال هو: ما الذي جعل الإعلام العربي مداناً هكذا، في قضيتين كبيرتين من قضايا المنطقة؟!.. وما هو على وجه التحديد الشيء الذي وضعه في مربع الاتهام، على هذه الصورة التي هي بالقطع تنال منه لدى متابعيه؟!.

إعلامنا في حاجة شديدة إلى وقفة جادة مع النفس، وأعتقد أنه عندها سيكتشف، بشيء من الأمانة مع النفس، أنه في غالبيته مقصر، إلى حد بعيد، إزاء الجمهور الذي يتابعه ويكاد يفقد الثقة تماماً فيه!.

المصري اليوم

هذا المقال يعبر عن رأي الكاتب ولا يعكس بالضرورة وجهة نظر شبكة إرم نيوز

الأكثر قراءة

No stories found.


logo
إرم نيوز
www.eremnews.com