كرنفال لولا دا سيلفا

كرنفال لولا دا سيلفا

قالت النتائج النهائية إن اليساري لويس إيناسيو لولا دا سيلفا هزم خصمه اليميني جايير بولسونارو في الجولة الثانية من انتخابات الرئاسة البرازيلية، بفارق ضئيل لا يبلغ واحدا في المئة، لكن هذه النسبة التي سُميت ضئيلة، كانت الأشد إثارة للمشاعر وكأنها اكتساح، ومكافأة من نوع خاص لروح لولا دا سيلفا الذي بدا شابا للغاية وهو يقترب من إكمال عقده الثامن.

صراع اليمين واليسار في البرازيل، كان عنوانا شاحبا ومجتزأ للحملة الانتخابية، التي لم يمنع دوي المدافع في أوكرانيا العالم من المشاركة الكثيفة في رهاناتها، ولا يحتاج الأمر إلى جهد كبير لتلمس خيبة الشعبويين في أمريكا الجنوبية وأوروبا والولايات المتحدة، وهم يتابعون كرنفالات أنصار دا سيلفا العائد إلى الحكم كأحد أبطال الأساطير.

حضرت في انتخابات البرازيل، سلاسل الإمداد العالمية، وقضايا الطاقة والتغير المناخي، وغابات الأمازون المطيرة ومصير السكان الأصليين، وموارد المياه العذبة، ومستقبل حيوانات برية نادرة مهددة بالانقراض. حضر منتخب البرازيل لكرة القدم، ولأول مرة في تاريخ بلاد السامبا يتحول القميص الأصفر الشهير إلى علامة انقسام وراية سياسية رفعها بولسونارو في وجه أعلام دا سيلفا الحمراء.

فعل بولسونارو كل ما في وسعه للفوز بولاية ثانية، وربما كان بمقدوره ذلك، لو أن منافسه أي خصم غير لولا دا سيلفا، الذي هزم في العام 2011 سرطان الحنجرة، وأثبت أن السجن الذي دخله بتهم فساد في العام 2018 ومكث خلف قضبانه 19 شهرا لم يكسره، وأن ولايتين رئاسيتين بين عامي 2003 و 2010، لا تكفيان لتطبيق رؤى من عمل يوما ماسح أحذية وبائعا متجولا وحدادا.

وصفه جون فرينش أستاذ التاريخ في جامعة ديوك الأمريكية ومؤلف سيرته بأنه "ظاهرة سياسية وانتخابية مثيرة ينبغي أن يدرسها العالم ويهتم بها اهتماما بالغا"، أما صديقه المقرب رئيس الأوروغواي السابق خوسيه موخيكا المعروف بلقب "أفقر رئيس في العالم" فقال إن "لولا يعرف الكثير عن ثقافة وعادات الشعب البرازيلي، والسياسة هي أيضا فن التواصل، وهذا ما برع به لولا".

براعة دا سيلفا وقدرته المدهشة على الإقناع واكتساب الأنصار، أعادته ببساطة إلى كرسي الرئاسة، وهذه العودة كشفت عن ديمقراطية اشتد عودها، وعن قطيعة تامة مع موروث الحكم العسكري في البرازيل، ومدرسة انتخابات 99.99 في المئة، التي أودت بجمهورياتها إلى التهلكة.

تعافي البرازيل في العقود القليلة الماضية، تجلى في أكثر من محطة فارقة لعل أبرزها خروج دا سيلفا من السجن بقرار من المحكمة الفيدرالية العليا في العام 2019، بعد أن ألغت حكما بسجنه ثمانية أعوام وعشرة أشهر، لعدم كفاية الأدلة، وتم استجواب القاضي سيرجيو مورو الذي أصدر الحكم واعتبر متحيزا ضده، ومفتقرا إلى النزاهة.

بالطبع، لم يستطع أنصار بولسونارو المتشددون ابتلاع الخسارة، فأشعلوا إطارات وأغلقوا شوارع، لكن الرئيس المنتهية ولايته أعلن احترامه للدستور وموافقته على عملية انتقال السلطة، رغم مماطلته في الاعتراف بالهزيمة.

عشية انطلاق مونديال 2022، ربما يتمنى عشاق منتخب السامبا الكثر، الاستعانة بالقميص الاحتياطي ذي اللون الأزرق، خوفا من عدوى هزيمة أصحاب القمصان الصفراء في كرنفال لولا دا سيلفا.

Related Stories

No stories found.
logo
إرم نيوز
www.eremnews.com