مبادرة الغرب "الجديدة".. هل تنافس "الحزام والطريق" الصيني؟
مبادرة الغرب "الجديدة".. هل تنافس "الحزام والطريق" الصيني؟مبادرة الغرب "الجديدة".. هل تنافس "الحزام والطريق" الصيني؟

مبادرة الغرب "الجديدة".. هل تنافس "الحزام والطريق" الصيني؟

أعلن الرئيس الأمريكي جو بايدن، خلال قمة مجموعة السبع التي عُقدت، مؤخرًا، في ألمانيا، إطلاق مبادرة الشراكة من أجل البنية التحتية العالمية والاستثمار، حيث تعهدت دول المجموعة بجمع 600 مليار دولار من التمويل الخاص والعام على مدى السنوات الخمس المقبلة لتمويل مشاريع في البلدان النامية.

وتعطي المبادرة الجديدة الأولوية لمشاريع الطاقة النظيفة، وتكنولوجيا المعلومات، والاتصالات، إلى جانب الصحة والمناخ والمساواة بين الجنسين.

كما أنها ستركز أيضًا على الاستثمار في المشاريع التي تساعد في أمن سلسلة التوريد من خلال جعل الدول الغربية أقل اعتمادًا على الصين.

المبادرة الأخيرة ليست شيئًا جديدًا، حيث تم الكشف عن خطة البنية التحتية لأول مرة في العام 2021، في قمة مجموعة السبع العام الماضي في بريطانيا، حيث أُطلق عليها اسم "إعادة بناء عالم أفضل"، ولكن تم إحراز تقدم ضئيل منذ ذلك الحين، بالتالي تمت إعادة إطلاق المبادرة تحت مسمى جديد.

ولم يستخدم بايدن أو بيان مجموعة السبع كلمة "الصين" نهائيًا عند الإعلان عن المبادرة الجديدة، لكن الخطوة فُسرت عمومًا على أنها تهدف إلى منافسة مبادرة الحزام والطريق الصينية التي انطلقت العام 2013.

مع ذلك لا تزال مبادرة مجموعة السبع تتضمن القليل من التفاصيل.

بالفعل، المصدر الفعلي للأموال والآلية التي سيتم جمعها واستهدافها لم يتم توضيحها على الإطلاق، ولم يقدم الإعلان الرسمي الكثير من الأدلة على إعلانات الإنفاق الكبيرة.

وقد سلط الضوء على 10 مشاريع، بإجمالي 6.7 مليار دولار أمريكي فقط.

حجم التمويل الموعود به من قبل حكومة الولايات المتحدة من غير المرجح أن يصبح حقيقة واقعة، مع الأخذ في الاعتبار المشاكل الاقتصادية الداخلية للولايات المتحدة والانقسام السياسي الموجود حاليًا.

فإذا كانت الحكومة الأمريكية تعتزم حقًا تحقيق تمويل بقيمة 200 مليار دولار، فمن غير المرجح أن يأتي معظمه من رأس المال الخاص، لأن مشاريع البنية التحتية لها دورات استثمار طويلة ومعدلات عوائد منخفضة نسبيًا، مما يجعلها غير جذابة لمستثمري القطاع الخاص.

بالنسبة لبايدن، فإن الحصول على أي أموال عامة يوافق عليها الكونغرس الأمريكي من أجل المبادرة الجديدة أمر يبدو صعبًا، لأنه فشل سابقًا في إقناع مجلس الشيوخ بتمرير الخطة التي تبنتها مجموعة السبع في العام 2021.

لعل مهمة الرئيس الأمريكي قد تصبح أكثر صعوبة في حال خسر الديمقراطيون في الانتخابات النصفية للكونغرس المقرر إجراؤها، في 22 نوفمبر/تشرين الثاني المقبل.

كما أن الولايات المتحدة ليست لديها مزايا في تشييد البنية التحتية، حيث إنها بالكاد أنجزت أي مشاريع بنية تحتية كبيرة في أمريكا نفسها خلال العقدين الماضيين أو أكثر، ناهيك عن البناء أو الاستثمار في الدول النامية.

أما في أوروبا، فمن أصل 300 مليار يورو (313 مليار دولار) تم التعهد بها، في ديسمبر/كانون الأول العام 2021، كجزء من مبادرة البوابة العالمية للاتحاد الأوروبي، تم الإعلان بالفعل عن 275 مليار يورو كجزء من برامج أخرى.

بعض هذه الأموال التي تمت إعادة تسميتها على أنها تمويل البوابة العالمية من المحتمل أن تتم "إعادة تسميتها" مرة أخرى لتصبح مساهمة دول الاتحاد الأوروبي المبادرة الجديدة.

حتى لو تمكنت مبادرة مجموعة السبع من الوصول إلى غايتها من خلال جذب الأموال الجديدة المطلوبة، فلن يكون هذا كافيًا لتلبية الهدف الضمني المتمثل في توفير بديل حقيقي لإقراض البنية التحتية المدعوم من الصين.

الهدف الذي تبلغ قيمته 600 مليار دولار أمريكي يستهدف التمويل بين عامي 2022 و2027، لكن الشركات والممولين الصينيين يشاركون، في عام 2022، لوحده في بناء مشاريع بنية تحتية بقيمة 709 مليارات دولار أمريكي في دول الحزام والطريق.

هناك أيضًا مجموعة كبيرة من المشاريع التي سيبدأ العمل فيها خلال السنوات المقبلة في دول الحزام والطريق، حيث تشير قاعدة بيانات شركة "فيتش سوليوشنز، التابعة لمؤسسة "فيتش" العالمية أن قيمة المشاريع البنية التحتية المرتبطة بالصين التي تمت الموافقة على تمويلها أو في طور التخطيط بلغت 712 مليار دولار أمريكي.

رغم كل ما سبق، ينبغي القول إن أي تمويل للبنية التحتية للأسواق الناشئة أو الدول الفقيرة يعد تطورًا إيجابيًا، حيث إن دولًا كثيرة في آسيا، وأفريقيا، وأمريكا اللاتينية، لن تنحاز إلى أي جانب، بل أنها سترحب بالمزيد من الاستثمار لتعزيز التنمية الاقتصادية.

كما أن تلك الدول ستنظر أيضًا إلى أي مبادرة جديدة على أنها مساهمة إضافية في زيادة من قدراتها على المساومة والمفاضلة بين المشاريع المتعددة التي تتبناها الدول الغربية والصين.

والأهم أن المبادرة الغربية التي تهدف إلى منافسة استثمارات الحزام والطريق قد تدفع الشركات الصينية على إعادة التفكير في المعايير المتبعة في مجالات مثل أمن البيانات والبنية التحتية الرقمية، وإلى إيلاء اهتمام أكبر للجودة والمعايير البيئية، وليس الكمية فقط، لمشاريع الحزام والطريق، وهو وضع أن حصل من المؤكد أن يكون تطورًا إيجابيًا للجميع.

الأكثر قراءة

No stories found.


logo
إرم نيوز
www.eremnews.com