مصر وإسرائيل.. وغاز المتوسط
مصر وإسرائيل.. وغاز المتوسطمصر وإسرائيل.. وغاز المتوسط

مصر وإسرائيل.. وغاز المتوسط

وقّع الاتحاد الأوروبي وإسرائيل ومصر، أخيرًا، مذكرة تفاهم للتعاون من أجل تسهيل تصدير الغاز الطبيعي من الحقول التي تطورها إسرائيل في شرق المتوسط إلى أوروبا عبر منشآت معالجة الغاز الطبيعي المسال المصرية.

من المتوقع أن يكون التأثير قصير المدى على جهود الاتحاد الأوروبي لاستبدال الواردات الروسية محدودًا، بسبب قيود القدرات الاستخراجية واللوجستية (قدرات الأنابيب) على حد سواء، لكن الاتفاق قد يعزز الجهود الإسرائيلية والمصرية في تأمين استثمارات جديدة لتطوير حقول الغاز البحرية وزيادة سعة إنتاج الغاز الطبيعي خلال السنوات المقبلة.

في هذا السياق، سعت إسرائيل منذ سنوات إلى إيجاد منافذ تصدير إضافية للغاز الذي يتم إنتاجه في حقول شرق المتوسط، والتي أدى عدم وجودها حتى وقت قريب إلى إحباط قدوم المزيد من الاستثمارات الأجنبية، إلا أنه مع اندلاع الحرب في أوكرانيا، وتوجه الاتحاد الأوروبي لتقليل اعتمادها على واردات الغاز الروسية، ظهرت محطات التسييل المصرية كخيار مفضل، وأسرع، وأقل تكلفة من الناحية الاقتصادية.

والاتفاقية الجديدة ربما تضيف التزامًا رسميًا من الاتحاد الأوروبي لدعم مثل هذه المبادرات، بما في ذلك من خلال التعهد بتشجيع الشركات الأوروبية على المشاركة في جولات التراخيص الإسرائيلية والمصرية؛ الاتفاقية صالحة لمدة 3 سنوات، ويمكن تجديدها لمدة سنتين إضافيتين.

وتخطط مصر لتعزيز إمدادات الغاز من خلال اتفاق إطاري بين "إيني" الإيطالية و"إيجاس" الحكومية لتعظيم إنتاج الغاز في البلاد. كما يمكن لحقلي "تمار" و"ليفياثان" اللذين تطورهما إسرائيل أيضًا زيادة إمدادات الغاز عبر خط أنابيب الغاز شرق البحر الأبيض المتوسط.

ومع ذلك من المتوقع أن يحد نمو الاستهلاك المحلي للغاز في مصر من إمكانية زيادة الصادرات في المستقبل المنظور، وقد تستفيد إسرائيل من هذا الوضع.

ديناميكيات السوق المتغيرة دفعت الحكومة الإسرائيلية مؤخرًا للتراجع عن وقف إصدار تراخيص التنقيب عن الهيدروكربونات هذا العام، ومن المتوقع أن تبدأ جولة العطاءات في الربع الثالث من العام الحالي.

ولعل مثل هذه العطاءات ربما "تمهد الطريق" لشركات الطاقة للاستثمار في حقل ليفياثان الكبير، والذي تديره شركة شيفرون الأمريكية، زيادة طاقة الإنتاج السنوية إلى 21 مليار متر مكعب من 12 مليارًا في الوقت الراهن.

في المقابل، تبلغ الطاقة الإجمالية لمحطتي الغاز الطبيعي المسال في مصر 12.2 مليون طن سنويًا (الطن يعادل 1.36 مليار متر مكعب من الغاز الطبيعي الجاف)، وتم استغلال حوالي 6.6 مليون طن سنويًا منها فقط في العام 2021، فيما تتم المبيعات بشكل أساس عبر السوق الفورية، مما يسمح بالانتقال السريع من إمداد آسيا إلى خدمة السوق الأوروبية الأكثر ربحًا حاليًا.

هنا تتوقع "بلومبيرغ" أن تصدّر مصر 8.2 مليون طن من الغاز الطبيعي المسال خلال عام 2022، قد تتوجه معظمها إلى الدول الأوروبية بسبب ارتفاع أسعاره الفورية هناك. وهذا يعني بقاء 4 ملايين طن من الغاز الطبيعي المسال (أو 5.4 مليار متر مكعب من الغاز الطبيعي) يمكن استغلالها مستقبلًا.

مع ذلك، في ظل الإنتاج الحالي الذي يبلغ حوالي 20 مليار متر مكعب في السنة (مقارنةً باستهلاك الاتحاد الأوروبي البالغ حوالي 400 مليار متر مكعب في السنة)، فإن إسرائيل غير قادرة على زيادة الصادرات بشكل كبير على المدى القصير، نتيجة توجه معظم الإمدادات لتلبية الطلب المحلي أو العقود الموقعة مع مصر والأردن.

في هذا الإطار، تتوقع شركة أبحاث الطاقة، ريستاد إنرجي، أن ترتفع صادرات الغاز من إسرائيل إلى مصر إلى 8 مليارات متر مكعب بحلول عام 2025، لكن الاتفاقية لا تحدد أي جدول زمني محدد لزيادة تدفقات الغاز الطبيعي المسال من مصر، أو لبناء خط أنابيب جديد لشحن كميات إضافية من الغاز الإسرائيلي إلى مصر.

ورغم أن مصادر الصناعة والمستثمرين المؤسسين في أوروبا يفضلون حاليًا استخدام مصانع الغاز الطبيعي المسال المصرية، إلا أن القرار النهائي قد يكون في يد شركة "شيفرون" الأمريكية، اللاعب الأساس في لعبة الغاز الإسرائيلية، والتي تتطلع إلى بقاء جميع الخيارات مطروحة على الطاولة، بما في ذلك بناء محطات تسييل الغاز العائمة.

ولا يقتصر الأمر على تلك القيود، حيث يواجه غاز شرق المتوسط تحديات أكثر إلحاحًا.

وهناك خلاف على ترسيم حدود بعض الحقول البحرية بين قبرص/لبنان وإسرائيل مع احتمال أن يستغرق التحكيم (أو المفاوضات) وقتًا طويلًا، كما تتصاعد المخاطر من احتمالات الصراع مع حركة حماس وحزب الله، وكلاهما يملكان القدرة على تهديد مشاريع الغاز الإسرائيلية كما دللت المواجهات السابقة.

وفي الخلاصة، يمكن القول إن قدرة إسرائيل على المساهمة في إمدادات الغاز من الاتحاد الأوروبي ضئيلة على المدى القصير.

ومع ذلك، فإن الالتزام الأوروبي الرسمي سيحفز الاهتمام بالتنمية المستقبلية، وقد يساعد التوسع شبه المؤكد في الحقول البحرية التي تستثمرها إسرائيل على أن تصبح مساهمًا صغيرًا، ولكنه مهم في لعبة الغاز الأوروبية بحلول منتصف العقد الحالي.

الأكثر قراءة

No stories found.


logo
إرم نيوز
www.eremnews.com