ما الذي قصده الملك بحديثه عن "الحلول الذاتية لمشاكل الإقليم"؟
ما الذي قصده الملك بحديثه عن "الحلول الذاتية لمشاكل الإقليم"؟ما الذي قصده الملك بحديثه عن "الحلول الذاتية لمشاكل الإقليم"؟

ما الذي قصده الملك بحديثه عن "الحلول الذاتية لمشاكل الإقليم"؟

انصرف اهتمام المراقبين والمحللين إلى عبارة قالها الملك عبد الله الثاني في حديثه إلى الجنرال المتقاعد هربرت ماكماستر، ضمن برنامج "باتل غراوندز" في معهد هوفر/جامعة ستانفورد، حذّر فيها من نشوء "فراغ روسي" في سوريا، تسعى إيران لملئه، وما قد يفضي إليه من تأجيج "حرب المخدرات" ويفتح الباب لعودة "تهديد الإرهاب"..

وذلك أمر طبيعي ومفهوم، طالما أن التوتر هو سيد الموقف على الحدود الأردنية-السورية، فيما الأزمة الأوكرانية تلقي بتداعياتها الثقيلة على المشهدين، السوري والإقليمي.

لكن ما غاب عن اهتمام المراقبين من حديث الملك، كشفه عمّا دار في اجتماعات عقدت خلال الشهور الماضية لقادة عرب، بحثوا خلالها كيفية رسم رؤية جديدة للمنطقة، وسبل إيجاد الحلول الذاتية للمشاكل التي يعاني منها الإقليم وتحمل عبئها الثقيل، "بدلا من الذهاب إلى الولايات المتحدة لحل القضايا العالقة".

الملك لم يشأ أن يُبقي هذا الحراك رفيع المستوى غامضاً، إذ قال لمحاوره الأمريكي "سترى الأردن والسعودية والإمارات والعراق ومصر وبعض دول الخليج الأخرى تجتمع وتنسق مع بعضها، للتواصل ورسم رؤية لشعوبها قبل طلب أي مساعدة".

نستطيع كمراقبين أن نسترجع سلسلة من اللقاءات الثنائية والثلاثية والرباعية التي شهدتها الدول المذكورة خلال الأشهر الفائتة، من العقبة إلى شرم الشيخ، مروراً بأبو ظبي وغيرها، ونعتقد أنها تناولت ما أشار إليه الملك بقدر من التفصيل..

ولنا أن نستنتج أن لقاءات أخرى ستلتئم في قادمات الأيام، فالمنطقة ونظامها الإقليمي الشائخ: الجامعة العربية، ومن خلفها النظام العالمي بأسره، في حالة مخاض انتقالية، لم تتضح مآلاتها بعد، وتستوجب حراكاً من هذا النوع.

ونستطيع كذلك أن نؤشر على جملة الديناميات الجديدة التي أملت وتملي انطلاق حراك "ما حك جلدك غير ظفرك"، ومنها:

(1) أن عصر الهيمنة الأمريكية المتفرّدة إلى أفول، مع أنها ستظل قوة مؤثرة لسنوات، وربما لعقود قادمة..

(2) أن ثمة مراكز عالمية، اقتصادية وعسكرية صاعدة، مرشحة للقيام بأدوار أكبر على الساحتين الإقليمية والدولية، لا مصلحة للعرب في إدارة الظهر لها، استرضاءً لواشنطن، سيما وأن الأخيرة تبدي اهتماماً أقل بالمنطقة، وتظهر التزاماً أضعف بأمن حلفائها ومصالحهم..

(3) أن المراكز الدولية، القديمة (أوروبا) أو الجديدة (روسيا والصين)، لن يستطيع أي منها أن يملأ "فراغ واشنطن"، فالزمن الذي كانت فيه المنطقة تنتقل من رعاية قوة استعمارية إلى حضانة قوة استعمارية أخرى يبدو أنه قد ولّى..

(4) أن القوى الإقليمية التي اصطرعت فيما بينها طوال ما يسمى "عشرين الربيع العربي" قد أصابها الوهن والإنهاك، فلا تركيا قادرة على حفظ الزخم المتآكل لـ"العثمانية الجديدة"، ولا إيران قادرة على تصليب "هلالها الشيعي"، ومن باب تحصيل حاصل، ليست إسرائيل الجهة التي يمكنها ملء فراغ واشنطن وتوفير "البضاعة المطلوبة" للعالم العربي، سيما بعد تفاقم ميولها اليمينية والعنصرية.

ولّد ذلك كله ديناميات جديدة في علاقات واشنطن بحلفائها وأصدقائها العرب، فـ"المعادلة" التي حكمت الطرفين طوال عقود لم تعد صالحة اليوم، واختلاف مواقف الدول العربية عن مواقف واشنطن حيال الأزمة الأوكرانية و"أوبك بلس" والعلاقة مع كل من موسكو وبكين، تنهض جميعها كشواهد دالّة على مثل هذا التغيير.

هل ينجح بعض العرب في خلق تكتل سياسي – اقتصادي – استراتيجي وازن، يعوض غياب "النظام العربي القديم"، ويصوغ رؤية لمستقبل هذه الأمة (بعضها على الأقل)؟

وهل سينجح القادة العرب في بلورة جدول أولويات مشترك، والتوافق على تقسيم العمل وتوزيع الأدوار وتكاملها في المرحلة المقبلة كما "بشّر" الملك؟..

تلكم أسئلة برسم المستقبل، والإجابة الشافية عنها بالأفعال لا بالأقوال.

الأكثر قراءة

No stories found.


logo
إرم نيوز
www.eremnews.com