مراهنات كروية
مراهنات كرويةمراهنات كروية

مراهنات كروية

لست من عشاق "ليفربول" في كرة القدم، بل لست من عشاق أي نادٍ في العالم، وهذا ما اكتشفته منذ أعوام طويلة، إذ كانت علاقتي تنتهي مع هذا النادي أو ذاك بمغادرة نجمي الأثير: حدث هذا مع نابولي عندما فارقه دييغو مارادونا بفضائح المخدرات، ومع "مانشستر يونايتد" بانتهاء حقبة بيتر شمايكل، وأخيرا مع "برشلونة" حين ودعه ليونيل ميسي بالدموع.

لسبب لا علاقة له بكرة القدم، شعرت بالهزيمة، وبشيء من الندم عندما أعلن الحكم فوز "ريال مدريد" بلقبه الرابع عشر على حساب "الريدز" في دوري أبطال أوروبا، فقد ورطت نفسي، وورطت النادي الإنجليزي معي، بمراهنة مفاجئة على فوزه في المباراة النهائية.

قادتني الحماقة، التي نتوهم تخلصنا منها مع التقدم في العمر، إلى الاستسلام لغواية الأمل مرة جديدة، نكاية باليقين السهل لأنصار "الريال" واستعدادهم المسبق للاحتفال بالنصر المحتم الذي لا يمتلك (كما أحب أن أصدق) أي سند واقعي سوى التاريخ وعدد الكؤوس الأسطوري في خزائن النادي العريق.

مرة جديدة، أتلقى هزيمة كان يمكن تجنبها بقليل من التعقل، فقد جربت هذا النوع من المراهنات عشرات المرات، وفي كل مرة يسقطني أصحاب اليقين الكسول، لكنني لا أتعلم قط.

ولائي المطعون بمبدأيته وثباته تجاه الأندية، تتبدل حاله مع المنتخبات؛ الأندية تذكر بالمقاتلين المرتزقة، وأقرب إلى الميليشيات منها للجيوش النظامية الحقيقية؛ النادي فندق والمنتخب بيت، وغالبا ما تبدلت ولاءاتي لأندية أوروبا وفقا لتنقلات لاعبي الأرجنتين، وقد أحببت منتخبهم بلا انقطاع، وبلا خفوت في العاطفة منذ العام 1982، ربما لحلم شخصي بقدرة منتخب بلاد الفضة على كسر أسطورة البرازيل، وتفوق راقصي السامبا في كل الأزمنة كأنه القدر.

في كتابه الرائع "كرة القدم بين الشمس والظل" يقول الروائي الأوروغواياني إدواردو غاليانو عن اللاعب ".. رجال الأعمال يشترونه، يبيعونه، ويعيرونه، ويسلم هو قياده لهم مقابل الوعد بمزيد من الشهرة ومزيد من المال. وكلما نال شهرة أكبر، وكسب أموالا أكثر، يصبح أسيرا أكثر. إنه يخضع لانضباط عسكري صارم، ويعاني كل يوم عقوبة التدريب القاسية، ويخضع لقصف المسكنات وتسلل الكورتيزون الذي ينسيه الألم ويزيّف حالته الصحية.. ".

يروي غاليانو في كتابه الساحر قصة نصب في أوكرانيا يذكر بلاعبي فريق دينامو كييف في العام 1942، ففي أوج الاحتلال الألماني، اقترف أولئك اللاعبون حماقة إلحاق الهزيمة بمنتخب هتلر في الملعب المحلي، وكان الألمان حذروهم: إذا ربحتم ستموتمون!.

يقول غاليانو "دخلوا الملعب وهم مصممون على الخسارة، وكانوا يرتجفون خوفا وجوعا، ولكنهم لم يستطيعوا كبح جماح رغبتهم في الجدارة والكرامة. فأعدم اللاعبون الأحد عشر وهم بقمصان اللعب، عند حافة هاوية، بعد انتهاء المباراة مباشرة".

عشت مع الأرجنتين، حتى الآن، عشرة كؤوس عالم، ولم أشاهد راقصي التانغو إلا مرة واحدة على منصة التتويج قبل 36 عاما، ورغم ترديدي اليومي، المفخم، مقولة "اليأس إحدى الراحتين"، مازلت أمتلك ما يكفي من الطيش لأتساءل: ولمَ لا؟!.

الأكثر قراءة

No stories found.


logo
إرم نيوز
www.eremnews.com