هل تستطيع أوروبا التخلي عن الطاقة النووية الروسية؟
هل تستطيع أوروبا التخلي عن الطاقة النووية الروسية؟هل تستطيع أوروبا التخلي عن الطاقة النووية الروسية؟

هل تستطيع أوروبا التخلي عن الطاقة النووية الروسية؟

بينما يبحث الاتحاد الأوروبي عن طرق لتقليل اعتماده على الغاز والنفط الروسيين ردًا على الاجتياح الروسي لأوكرانيا، أصبح مستقبل الطاقة النووية أيضًا غير مؤكد.

وتضغط العديد من دول الاتحاد الأوروبي، بما في ذلك ألمانيا وبولندا، من أجل حظر نووي في الحزمة التالية من العقوبات على روسيا.

في حين دعا، الشهر الماضي، أعضاء البرلمان الأوروبي إلى فرض حظر كامل على استيراد النفط والفحم، والوقود النووي، والغاز الروسي، أعلنت بروكسل أخيرًا أنها ستساعد دول الاتحاد الأوروبي على إنهاء اعتمادها على الوقود النووي الروسي خلال السنوات المقبلة.

ومع ذلك، لم يُدرج الاتحاد الأوروبي، حتى الآن، إمدادات اليورانيوم في العقوبات.

وتُظهر بيانات "مونيتور إنيرجي" الأوروبية أن روسيا هي ثاني أكبر مُورد لليورانيوم بعد النيجر للدول الأعضاء في الاتحاد الأوروبي، في حين أن كازاخستان (المورد الثالث) تمد الاتحاد الأوروبي بأكثر من 19% من اليورانيوم، وجزء مهم منها يمر عبر المؤسسات التابعة لشركة "روساتوم" الروسية.

وفي هذا السياق، يعتمد الاتحاد الأوروبي على استيراد اليورانيوم بشكل كامل تقريبًا وفقًا لمجموعة الطاقة الذرية الأوروبية، ومع ذلك، فإن الحصول على اليورانيوم ليس العنصر الوحيد لتزويد المحطات النووية بالوقود بل يجب أيضًا تخصيبه.

وبحسب الرابطة النووية العالمية، تعد "روساتوم" الروسية إحدى الشركات الرائدة في هذا القطاع، حيث تحتل المركز الأول في العالم بتخصيب اليورانيوم من خلال توفير نحو 36% من اليورانيوم المخصب عالميًا، كما تسيطر على 17% من سوق الوقود النووي العالمي، وتؤمن التوريدات إلى ما يتجاوز 50 دولة، من ضمنها الكثير من الدول الأوروبية.

وعلاوة على ذلك، فإن عددًا كبيرًا من المفاعلات النووية في أوروبا من تصميم روسي، 18 من أصل 103، وتنتشر في 5 دول من أصل 13 دولة عضو في الاتحاد الأوروبي، وهناك مفاعلات روسية التصميم في بلغاريا، وفنلندا (اثنان لكل منهما)، والمجر، وسلوفاكيا، ( 4 لكل منهما)، وجمهورية التشيك (ستة).

وتعتمد هذه الدول الخمس على الوقود الذي تصدره شركة روساتوم الروسية، كما يعد إنتاج الطاقة النووية أمرًا مهمًا للغاية لتلك البلدان، حيث تساهم في إنتاج الكهرباء بنسبة تتراوح بين 40 و60% من الإجمالي، وهذه الدول تخشى عدم توافر ضمانات كافية للحصول على الوقود، وصيانة المحطات في المستقبل.

وعلى المستوى الأوروبي ككل، أنتجت الطاقة النووية أكثر ربع إجمالي الكهرباء المنتجة، في العام 2021، (ومع الغاز قد تصل إلى 45%).

كما أنه من المحتمل أن يكون الوقود النووي البديل أغلى بكثير من الوقود الروسي أو قد لا يتوافر بسرعة، وستكون هناك أيضًا حاجة إلى خطة للتخلص من النفايات النووية، حيث إن روساتوم الروسية تقوم بذلك حاليًا.

وهنا يمكن القول إن أي تحرك ضد الصناعة النووية الروسية لن يكون خاليًا من الألم بالنسبة للأوروبيين، إذا تم استبعاد روساتوم من الأسواق الأوروبية والأمريكية، فقد ينهي ذلك حالة الفائض بالنسبة للشركات الغربية، وقد يرتفع سعر تكاليف التخصيب، وهي مهمة بشكل خاص لمحطات الطاقة النووية في الدول التي تتمتع بأسواق كهرباء تنافسية.

ومن المتوقع أن تكون معاقبة شركة روساتوم مسألة حساسة بشكل خاص للرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون، حيث تمتلك فرنسا قطاعًا كبيرًا للطاقة النووية، وتتعاون بشكل وثيق مع روسيا في مشاريع كثيرة، كما تحصل فرنسا على أكثر من 70% من الكهرباء من محطات الطاقة النووية، وتخطط لبناء المزيد من المفاعلات.

ولعل هذا الواقع قد كشف خط الصدع السياسي بين الحكومتين في برلين وباريس، وهما اللاعبان الكبيران داخل الاتحاد الأوروبي.. ألمانيا معارضة شرسة للطاقة النووية، وتهدف إلى إغلاق محطات الطاقة النووية المتبقية بحلول نهاية هذا العام.

وفي المقابل، تخطط فرنسا لبناء المزيد من المفاعلات، حيث قال الرئيس ماكرون إن الطاقة النووية ستلعب دورًا رئيسًا في الحد من انبعاثات فرنسا، وتعزيز استقلال الطاقة في الاتحاد الأوروبي.

وفي هذا السياق، تتطلع فرنسا إلى بناء 14 مفاعلًا جديدًا بحلول عام 2050، كما أنها الدولة العضو الوحيد في الاتحاد الأوروبي الذي يحتفظ ببرنامج أسلحة نووية.

صحيح أن موسكو لا تجني الكثير من المال من تصدير الوقود النووي، لكن بحسب المنطق الأوروبي، فإن استهداف أعمال البنية التحتية الأكبر التي تشمل بناء مفاعلات في الاتحاد الأوروبي من شأنه أن يلحق ضربة مالية كبيرة بآلة روسيا الحربية.

وفي المحصلة، هذا الطريق ذو اتجاهين، روسيا قد تتضرر اقتصاديًا، لكن سياسة أوروبا في مجال الطاقة قد تنتهي كمن يطلق النار على قدميه.

الأكثر قراءة

No stories found.


logo
إرم نيوز
www.eremnews.com