ليبيا.. من الميليشيات إلى السياسيين
ليبيا.. من الميليشيات إلى السياسيينليبيا.. من الميليشيات إلى السياسيين

ليبيا.. من الميليشيات إلى السياسيين

سنوات والأزمة في ليبيا تراوح مكانها. المتمترسون في الخنادق غير قادرين على الحسم، والسياسيون الذين يتنقلون بين الفنادق غير قادرين على الاتفاق..

وبدلا من أن تكون الميليشيات المتصارعة، أدوات في يد السياسيين، صار السياسيون نسخة جديدة من الميليشيات وباتت مصالحهم الأنانية هي البوصلة التي تحرك توجهاتهم ومواقفهم.

وفي المرات القليلة التي اقتربت فيها الأزمة من الحل، كان السياسيون يتفقون على الخطوط العريضة قبل أن يعودوا للمربع الأول، بعد أن يظهر وحش التفاصيل الذي يأتي على أي اتفاق، ويمنع إنجاز أي تسوية.

كنا في سنوات المواجهة الأولى بين الأفرقاء الليبيين، نظن أن المعضلة الكبرى هي، المواجهات المسلحة بين الميليشيات العسكرية والفصائل ذات الرؤى الأيديولوجية المدعومة بالتدخلات الخارجية -وخاصة الإقليمية منها - والتي كانت سببا في تأجيج القتال الدامي بين أمراء الحرب في الداخل وشحنه بالعدة والعتاد، والدعم والإمداد من الخارج.

ولذلك، استبشر كثيرون بالتوافقات الإقليمية الأخيرة، التي رفعت ليبيا من قائمة الحسابات، والمصالح، التي كانت توظفها القوى الإقليمية، عند البحث في مخارج لتصفية خلافاتها الثنائية أو العمل من أجل وضع صيغ للتعاون الجماعي.

السياسيون الليبيون هذه المرة يتحملون وزر أي تأخير في الوصول إلى اتفاق سياسي يُخرج ليبيا من دوامة الحرب الأهلية، ويعيد لها مكانتها ودورها كقوة سياسية واقتصادية، تملك كل المؤهلات التي تسمح لها بتجاوز آثار الحرب، وتحريك قطار التنمية من جديد.

فالأطراف الليبية متفقة على الخطوط العريضة للحل وأبرزها إجراء انتخابات رئاسية وبرلمانية، والمضي بعدها بعملية سياسية لبناء مجتمع ديمقراطي تعددي يعبر عن  القوى السياسية والاجتماعية الليبية كافة.

وأكثر من ذلك، وصلت الإجراءات التنفيذية لإنجاز الاستحقاق الانتخابي لاختيار الرئيس، حد بدء المرشحين بتقديم أوراق ترشحهم والبدء بفرزها وفحصها لتقدير مدى ملاءمتهم القانونية لشغل المنصب، وهو ما يعني ضمنا وعمليا أن هناك اتفاقا على الخطوط العريضة لقانون الانتخاب، وأن تعطيل إجراء الانتخابات هو في جوهره مناورة من المرشحين للحصول على مكاسب سياسية وتحسين حظوظهم الانتخابية.

يُضاف إلى ذلك كله أن الخلافات بين القوى السياسية والحزبية والفصائل العسكرية باتت تعالج، وإن بشكل نسبي، بعيدا عن السجال والاقتتال الذي حال دون الوصول إلى حلول في مرات سابقة، إذ لم تحاول القوى السياسية هذه المرة اللجوء للخيار العسكري، ولم تحاول توظيف الميليشيات العسكرية توظيفا ميدانيا لترجيح مرشح ضد آخر.

وهذا معناه أحد أمرين: إما أن الميليشيات العسكرية وصلت مرحلة من الإعياء الذي يحول دون إقدامها على جولة جديدة من المواجهات المسلحة، وإما أنها فقدت الدعم والمساندة من القوى الخارجية، وبالتالي باتت أقرب للقبول بحلول وتسويات تبقي لها حصة في المشهد السياسي والانتخابي الليبي.

وفي الحالين، فإن مَن يتحمل وزر التأخير في الحل وفي تعطيل الانتخابات وتمكين الليبيين من حياة ديمقراطية حقيقية هو السياسيون الذين باتت المطامع الشخصية لهم هي البوصلة التي تحرك مواقفهم إزاء ما هو مطروح من حلول.

السياسيون الذين ينخرطون الآن في خلافات تعيق إيجاد مخرج للأزمة الليبية، سيجدون أنفسهم إن طالت بينهم هذه الخلافات في مواجهة مع القاعدة الشعبية العريضة التي لا يستبعد أن تطالب بتنحيهم على الطريقة اللبنانية، "كلهم يعني كلهم".

الأكثر قراءة

No stories found.


logo
إرم نيوز
www.eremnews.com