عندما يتحول الدواء إلى داء ووباء
عندما يتحول الدواء إلى داء ووباءعندما يتحول الدواء إلى داء ووباء

عندما يتحول الدواء إلى داء ووباء

حافظ البرغوثي 

تجتاح القارة الأوروبية موجة قاسية من جائحة كورونا، بحيث تتوقع الصحة العالمية وفاة 700 ألف أوروبي حتى مطلع الربيع المقبل، بعد وفاة 1.2 مليون حتى الآن في القارة. فقد بات فيروس كورونا وتحوراته أو طفراته من نسل كورونا ابن فيروس الطاعوني كالدجاجة التي تبيض ذهبا لشركات الأدوية العالمية التي تحصد المليارات شهريا لقاء لقاحات وأدوية وعقاقير متنوعة مساعدة، وآخر طبعة فيروسية أثارت الرعب عالميا هي أوميكرون الأفريقية.

وهناك حتى الآن عشرة من اللقاحات المستخدمة في العالم، لكن هناك العشرات من الأدوية المصاحبة بحجة التخفيف من المرض والعدوى، وكلما ظهر متحور ظهر لقاح مواز أي متحور لقاحي في سباق ماراثوني بين الشركات من جهة والفيروس من جهة أخرى.

وللحقيقة أن كورونا ومتحوراته ليست فيروسا كاملا بل غير كامل، فكيف يمكن لفيروس غير كامل أن يتحور حتى اتخذ أسماء جديدة من كوفيد 19 إلى ألفا إلى بيتا إلى دلتا إلى غاما إلى متحور جنوب أفريقي إلى برازيلي يرقص السامبا، وأخيرا أوميكرون الأفريقي، وكأن هناك من يطور فيروسات وآخرون يطورون لقاحات وأدوية!

وهذه العائلة الفيروسية تقابلها عائلة لقاحات متنوعة، فلكل متحور لقاح ولكل أعراض أدوية مساعدة عددها أكثر من عشرة أدوية كانت تستخدم لعلاج التصلب والتهاب الكبد وآيبولا، عدا الفيتامينات بأنواعها.

هذا الحجم الهائل من الأدوية واللقاحات يدر المليارات على الشركات. وبعد نفاد بنك المتحورات والطفرات الفيروسية وثبات أن اللقاحات ليست علاجا دائما بل تحتاج إلى تنشيط بين فترة وأخرى، خرجت الشركات بموضة جديدة وهي الأقراص الفموية بدل اللقاح، وجرت الإشادة بها مسبقا، وبدأت الطلبات تنهال على نوعين تنتجهما فايزر لتحرير الأرض من الفيروس، وموديرنا لقهر الناموس والفيروس.

والجديد في هذا العلاج الجديد أن المصاب بالفيروس لا يتناوله وحده بل كل أفراد عائلته ومن معه في العمل وأصدقاؤه في المقهى، وإذا حضر مباراة مثلا وفيها مصابون فكل المشجعين مطالبون بتناول الأقراص. وأظن أنه بعد الأقراص ستبتكر الشركات علاجا بخاخا ينصب فخاخا للإيقاع بالفيروس. ولا ضير لاحقا من أن يتم اختراع علاج بالنفخ  لتفجير الفيروس، وبالشم لإصابة الفيروس بالهم والغم فيموت غيظا. وهكذا نرى أن الدواء تحول إلى داء وليس العكس. فالإنسان بات بحاجة إلى علاج مستمر من الفيروس، أي أن يتناول لقاحا منشطا كل فترة وقرصا أسبوعيا وبخة قبل النوم وشمة بعد الإفطار ونفخة عند الظهر، وربما سيصل الأمر إلى إنتاج تحاميل فيصير ليلنا ملونا ونهارنا فاحما وصيدليتنا مليئة وجيوبنا فارغة وصحتنا معتلة. أو كما قال الشاعر المصري علي الدرويش:

فقد طالت يد الطاعون فينا/ وأعيا الطب واشتد البلاء.

 

الأكثر قراءة

No stories found.


logo
إرم نيوز
www.eremnews.com