زيارة تميم للكويت.. طلب وساطة أم خروج من ورطة؟
زيارة تميم للكويت.. طلب وساطة أم خروج من ورطة؟زيارة تميم للكويت.. طلب وساطة أم خروج من ورطة؟

زيارة تميم للكويت.. طلب وساطة أم خروج من ورطة؟

يذهب أمير قطر الشيخ تميم بن حمد آل ثاني إلى الكويت، لا ليطلب الوساطة، بل للخروج من ورطة، فالوساطة ممكنة إذا كانت هناك قواسم تمكن مقايضتها وتبادلها، وفي حالة قطر فإن ما يمكن أن تقدمه، لا يرقى إلى ما يطلبه جيرانها.

وباستثناء الثقل المعنوي الذي يمثله أمير الكويت الشيخ صباح الأحمد الجابر الصباح، فإن معطيات الوساطة غير متوفرة، ودروبها صعبة، فما يطلبه جيران قطر أكبر من الاعتذار عن تصرف أرعن، أو التوقف عن تصريحات مستفزة خاصة بعد الذي اعتبره أهل الخليج تطاولاً على مصالحهم ومسًا بأمنهم.

وما بين قطر وجيرانها ليس وليد اللحظة  بل ملف كامل من الأزمات والمشكلات المزمنة التي تراكمت على مدى سنوات ، وما لم تحله الوساطة الكويتية الأولى قبل شهور، لن تنجح في حله المحاولة الجديدة، بعد أن طرحت كل الملفات، وتشعبت مفاتيح الأزمات.

ذهاب الشيخ تميم إلى الكويت في هذا الجو المشحون طلبًا للوساطة، فيه تقزيم للأزمة، وتسطيح للخلاف، فضلاً عن أن فيه إحراجًا لأمير الكويت الذي كان ضامنًا في الوساطة الأولى التي أقنعت دول الخليج بإعادة السفراء، وإخراج قطر من عزلتها، وطي ما كان بينها وبينهم من خلاف.

موقف دول الخليج هذه المرة، غير كل مرة. والعلة التي تشكو منها علاقات دول الخليج بالدوحة لايمكن علاجها بالمسكنات التي تأكد فشلها في مداواة الأمراض المزمنة، التي تفشت بفعل سياسات رعناء، وإعلام أهوج، ومستفز، يستخف بالثوابت، ويتطاول على المصالح.

ما تطلبه دول الخليج ثمنا لعودة "الابن الضال"، هو مراجعة كاملة لمواقف وسياسات، أحرجت بعضًا من دول الخليج، ووضعت البعض الآخر أمام تحديات أمنية، وأزمات سياسية، ووفرت ثغرات لتدخلات إقليمية حاولت ضرب استقرار المنطقة، وتحجيم دورها، والنيل من أمنها.

دول الخليج تريد من الدوحة أن تصحح بوصلة سياساتها وتوجهاتها، قبل الحديث في أي تطبيع للعلاقات، أو أي تجاوزعما بدر منها من إساءات.

الكل يعرف أن الكرة الآن، في مرمى قطر، وأن دول الخليج ليس لديها ما تتنازل عنه أو تتفاوض عليه ، فلا معنى لأي كلام عن تنقية الأجواء، وأمير قطر لا يتورع في هذا الجو المتوتر ، عن الإشادة بالدور الإيراني والعلاقات التاريخية مع طهران، والتأكيد على ضرورة تعزيز هذه العلاقات، هذا في الوقت الذي تشكو فيه دول المنطقة من التغول الإيراني ، والتوسع العدواني في كل الاتجاهات لتقويض أمن المنطقة واستقرارها.

ولا معنى لأي جهد أو حديث لاستعادة التضامن الخليجي، والدوحة تحتضن ، وترعى وتمول قوى حزبية ، وعلى رأسها وفي مقدمتها جماعة الإخوان المسلمين التي تصنفها معظم دول الخليج ودول عربية وأجنبية على أنها منظمة إرهابية. ناهيك عن العلاقات المشبوهة التي نسجتها مع تنظيمات إرهابية مسلحة تستقوي بها حينًا وتتوسط لها أحيانًا.

وبالطبع فإن أي وساطة ناجحة ومستقرة لا يمكن أن تتحقق إلا إذا قامت الدوحة بمراجعة خطابها الإعلامي، وتخلت عن استخدام الإعلام الذي تتبناه، أو تموله، كوسيلة لتصفية الحسابات، أو تضخيم الذات على حساب الآخرين، أو النيل من مصالحهم.

الوساطة الكويتية إن تحققت، يتوقف نجاحها على تقديم قطر لجملة استحقاقات. وعلى خلاف ما حدث في الوساطة الأولى التي قام بها أمير الكويت، فإن النجاح لا يرتبط هذه المرة، بوعود يقطعها أمير قطر على نفسه، بل خطوات عملية على الأرض، وهو أمر لايبدو سهلا، خاصة وأن قطر استمرأت فكرة أنها "قوة عظمى"- كما يتندر عليها أهل الخليج في مجالسهم الخاصة -، وأن دورها يتجاوز حدود الجغرافيا الصغيرة التي تشغلها، ما دام لديها ما يكفي من المال للتعويض عن الجغرافيا بالنفوذ.

هذا المقال يعبر عن رأي الكاتب ولا يعكس بالضرورة وجهة نظر شبكة إرم نيوز

الأكثر قراءة

No stories found.


logo
إرم نيوز
www.eremnews.com