من الإعتصامات إلى الإنشقاقات
من الإعتصامات إلى الإنشقاقاتمن الإعتصامات إلى الإنشقاقات

من الإعتصامات إلى الإنشقاقات

من الإعتصامات إلى الإنشقاقات

بقلم تاج الدين عبد الحق

فض اعتصامات الإخوان في  الميادين ، لايعني حل الازمة . ولا يضع نهاية لها ،  بل ربما يفتح  الباب لمواجهة قد تطول، ولحلبة قد تتوسع،   لتكون تلك الاعتصامات،  وما خلفه فضها من تداعيات ، اكثر  من حالة عابرة ، ولتتحول  مع الوقت  إلى حالة مرضية مزمنة  قد لا تبرأ منها مصر  لفترة طويلة .

فالإخوان بعد أن فقدوا الميدان، أصبحوا الآن  امام خيارين:  فهم إما أن يوسعوا دائرة العنف مع النظام بما في ذلك اللجوء إلى العمل العسكري السري ، وإلى اشكال من العمليات الانتحارية والاغتيالات  مضحين بالدعم الدولي الذي حصلوا عليه.

  وإما أن يستمروا في لعبة الشد والجذب ، لعرقلة كل تسوية سياسية لاتعيد لهم السلطة ، وتعطيل أي صيغة تمنعهم من الاحتفاظ بموقع مؤثر في الحياة السياسية، وفي مؤسسات الدولة وإداراتها  .  

خروج الجماعة  من الميادين والساحات ، الذي أراده البعض خروجا من المشهد السياسي برمته ، قد لا يتحقق في الواقع .  فبقدر ما أحرجت ارقام الضحايا من القتلى والجرحى المؤسسة الامنية والعسكرية ،فإنها  أسهمت أيضا في ترسيخ صورة الجماعة كضحية مستهدفة وككبش فداء لديمقراطية  مسلوبة ، ، ليكتسب الإخوان زخما داخليا كاد  أن يتآكل  ،  ودعما  خارجيا كاد أن يتراخى .

ورغم النجاح  في فض الاعتصامات ،  فإن المؤسسة العسكرية المصرية لا تبدو قادرة على الدفع باتجاه  الحسم السياسي، وتوفير مظلة  محايدة له، خاصة في ضوء الانقسام الحاد والفرز السياسي الذي نتج عن إنهاء الاعتصامات ووقوع هذا العدد من الضحايا   .

فالقوى السياسية والفعاليات الاجتماعية التي شجعت الجيش ،  و أعطته التفويض لإنهاء إعتصام  الاخوان ،  تجد فيما يبدو صعوبة في تحمل نصيبها من  النتائج الدموية التي أسفرت عنها عمليات الأمن والجيش في ميداني رابعة العدوية والنهضة ، فسارع بعضها  ، إما  لدوافع حزبية،  أوحسابات إنتخابية ، أومصالح فئوية،  للتبروء من  وقائع،  ونتائج الحسم ،  رغم مشاركته في صياغة سيناريو " القوة " ،  وتشجيعه له  كبديل  عن المراوحة السياسية ، والحض  عليه  كخيارللحسم  .

وجاءت استقالة الدكتور محمد البرادعي من منصبه كنائب للرئيس . والموقف المتحفظ الذي أعلنه شيخ الازهر ، ، وتراجع  قوى ورموز  اسلامية  عن مواقفها  السياسية  المؤيدة لإنتفاضة 30 يونيو ،  مفاجئة وربما صادمة للكثيرين ، ممن كانوا يظنون أن فض الاعتصامات ستكون عملية جراحية سهلة، تصلب عود القوى الوطنية، و تسقط بعدها حقبة الإخوان ، ويردم معها تاريخ تجربتهم المثير  للكثير من  الجدل،  و العديد من علامات الاستفهام . 

والاهمية المعنوية التي يمثلها إنشقاق بعض  القوى السياسية والروحية،    وإنفضاضها من حول الجيش ، يكمن في الخوف ألا  تبقى هذه الانشقاقات محصورة في موقف هنا وآخر  هناك ، وان يتحول  الأمر إلى حلبة مزايدة ، وبداية لانشقاقات أوسع ، لا ضمن النخب السياسية والحزبية فقط ،  بل في كامل صفوف الحالة السياسية التي عزلت محمد مرسي،  ووقفت  بقوة ضد مشروع الأخونة،  لتترك بعدها  المؤسسة العسكرية وحيدة في مواجهة الداخل المضطرب والخارج المتحفز .

وإنشقاق من هذا النوع إن لم يجر تداركه ، لا يعني فقط، إضافة مزيد من  العبء المعنوي والسياسي الذي تتحمله المؤسسة العسكرية المصرية  ، بل يعني أيضا ، اسقاط الحركة الشعبية التي قادت انتفاضة 30 يونيو ، والتشكيك في أصالتها ، وإضعاف  القوى السياسية المدنية  التي لن يكون عليها فقط،   لجم طموح الإخوان قصير المدى  لاستعادة السلطة ، بل وطموحهم البعيد  المتمثل في  فرض وجودهم كخيارسياسي  نهائي ،  حتى لو كان ثمن ذلك مواجهات أكثر دموية وشراسة من كل ما مرت به الساحة المصرية حتى الآن  .

الأكثر قراءة

No stories found.


logo
إرم نيوز
www.eremnews.com